منذ فترة ليست ببعيدة، في ربيع 2011، عندما كان الرئيس الأفغاني حامد كرزاي جالسا مع أعضاء حكومته، سأل الوزراء سؤالا صعبا لم يستطع أن يجد الإجابة عليه: ماذا سأصبح؟ شاه شوجاه أم وزير أكبر خان؟

كان الاجتماع الوزاري يناقش الوضع الأمني ومغادرة الأمريكيين في 2014، وكان الرئيس الأفغاني يقارن بين شخصيتين أفغانيتين شهيرتين كأفراد ومقاومين. كان الوزراء يناقشون عرضا أمريكيا لتوقيع اتفاقية أمنية استراتيجية مع أفغانستان عندما تحمس الرئيس كرزاي فجأة وسأل وزراءه أيا من هاتين الشخصيتين الشهيرتين يناسب شخصيته أكثر. وبحسب مسؤول كان حاضرا في الاجتماع، طلب عدم ذكر اسمه، سارع الوزراء إلى امتداحه لاستحضار هذه المقارنة الممتازة. بعضهم قال إنه يشبه شاه شوجاه، آخرون قالوا إنه يشبه وزير أكبر خان، والبعض الآخر قالوا إنه أفضل من الاثنين معا!

وزير أكبر خان (1816-1846) كان أميرا أفغانيا، قائدا عسكريا وزعيما قبليا. كان ناشطا خلال الحرب الأفغانية-الإنجليزية الأولى، والتي دامت بين 1839-1842. وكان وزير أكبر خان معروفا لكونه قائدا للحزب الوطني في كابول من 1841-1842، ولمطاردته فلول الجيش البريطاني من كابول إلى جانداماك قرب جلال أباد في 1842. الشخصية الأخرى، شاه شوجاه دوراني، كان حاكم إمبراطورية دوماني من 1803-1809. بعد ذلك حكم من 1839 حتى موته في 1842. شوجاه عقد تحالفا بين أفغانستان وبريطانيا في 1809 في محاولة للدفاع عن بلاده أمام غزو نابليون وروسيا للهند.

بين أولئك الوزراء الحاضرين للاجتماع كان هناك وزير رفع يده لفترة طويلة طالبا الإذن بالكلام. وعندما لم يأبه به أحد، تحدث بصوت عال وقوة مخاطبا الرئيس كرزاي قائلا: "يا فخامة الرئيس، أنت لست وزير أكبر خان ولا شاه شوجاه. أنت حامد كرزاي الذي انتخبه شعبه رئيسا له ووظيفتك تتطلب أن تخدمهم جيدا." هذا الرجل الشجاع كان رئيس الأمن الوطني الذي يحظى باحترام كبير، والذي أضاف قائلا "ما يقوله لك هؤلاء الأشخاص اليوم، أنك تشبه هذه الشخصية أو تلك، وحتى أفضل من الاثنين، يجعل منك دكتاتورا. أنت وصلت إلى هنا بأسلوب ديموقراطي وسوف ترحل عندما تنتهي فترتك."

والآن، وبعد مرور أشهر على ذلك الاجتماع، لا يزال الرئيس كرزاي غير قادر على اتخاذ قرار بتوقيع المعاهدة مع الإدارة الأمريكية أو عدم توقيعها، كما أنه لا يملك فكرة كافية حول ما إذا كان الجيش الوطني الأفغاني يستطيع أن يتعامل مع الوضع الأمني بعد مغادرة القوات الدولية الأراضي الأفغانية. في صراعه لاختيار إحدى الشخصيتين، وزير أكبر خان أو شاه شورجاه، كنموذج له، فقد الرئيس الأفغاني عددا من قادة الجيش البارزين بالإضافة إلى أخيه خلال أقل من 3 أشهر. ضباط كبار مثل الجنرال داود والجنرال شاه جاهان اللذين تعرضا للاغتيال في تاخار، كان لهما دور رئيسي في تأمين الجزء الشمالي الشرقي من أفغانستان. وأخوه أحمد والي كرزاي، الذي قتله أحد حراسه الشخصيين، كان يعمل على تأمين قاعدة الرئيس في قندهار. أحمد والي كرزاي الذي كانت تدور حوله شائعات كثيرة حول تورطه في تهريب المخدرات، لكنه مع ذلك كان محبوبا وصاحب نفوذ كبير في منطقة البشتون القبلية في قندهار. هناك تقارير بأن الرئيس كان يتحدث إلى أخيه بشكل يومي وكان وجوده في قندهار يجعل الرئيس كرزاي مطمئنا على قواعده القبلية. لذلك كانت خسارة أحمد والي صدمة كبيرة للرئيس، وخاصة عندما تلا ذلك خسارة بعض كبار قادته العسكريين الرئيسيين. القادة السابقون لتحالف الشمال الذين تدربوا على يد أحمد شاه مسعود كانوا يتعرضون للاغتيال واحدا تلو الآخر.

من الصعب التكهن بما يدور في رأس الرئيس كرزاي في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها أفغانستان. عدم وجود أخيه بجانبه واضطراب الوضع الأمني في مختلف أنحاء البلاد أمور تقلق كرزاي، وبعض أعضاء البرلمان يقولون إن الرئيس يريد أن يغلق البرلمان. هناك 62 عضو برلمان فقدوا شرعيتهم بعد تحقيق أجرته محكمة خاصة شكلها الرئيس كرزاي يعتصمون داخل البرلمان. هؤلاء الأعضاء ومؤيدوهم يرفضون قبول قرار المحكمة الخاصة التي أمر الرئيس الأفغاني بتشكيلها ويتهمونه بالتآمر لإغلاق البرلمان حتى يتمكن من إعلان حالة الطوارئ ويبقى فترة أخرى في منصبه، لكن الرئيس ينفي هذه الاتهامات.

صراع السلطة بين البرلمان والرئيس الأفغاني إحدى القضايا المهمة التي يدور النقاش حولها في أفغانستان. في 16 أغسطس، صرح أحمد بهزاد، نائب رئيس البرلمان الأفغاني، لأجهزة الإعلام بأن الرئيس كرزاي يخطط لإغلاق البرلمان بسبب عدم موافقته على قبول المحكمة الخاصة، ولجنة الانتخابات تخضع لضغوط من قبل الرئيس الأفغاني لتغيير تركيبة البرلمان. بهزاد أضاف أن الرئيس "يفعل ذلك حتى يبقى في السلطة لفترة رئاسية ثالثة!"