يتصور الكثيرون أن العلاقات بين المرأة والرجل، هي شيء رفيع له قوانينه وقدسيته التي تبرر كل الطقوس المحيطة به. لكن لو نحينا جانبا ما قُدَّ من صخر في أذهاننا؛ لوجدنا أن العملية محكومة بقوانين السوق، كالعرض والطلب الذي يتأثر بعوامل كثيرة، منها جمال البضاعة وندرتها والتفضيل الاجتماعي لأشكال وصفات معينة تختلف من ثقافة لأخرى، فمثلا في البيئة العربية كلما كانت المرأة صغيرة وطازجة وبيضاء كلما ازداد عليها الطلب، ولو أن أسرتها ذات منصب ستصبح بالضبط كسيارة الرولزرويس، يتمناها الجميع، ولا يستطيع على تكاليفها إلا القلة. لكن لو فرضنا أنها نفسها مصابة بمرض أو عيب ما؛ فسيقل الإقبال عليها، وإذا اكتشف زوجها هذا العيب يصبح من حقه إرجاعها، والحصول على أمواله التي أنفقها.

في سوق العلاقات، يحاول كل شخص الحصول على شريك أعلى من قيمة ما لديه، فالرجل الأربعيني المطلق متوسط الدخل والشكل يرغب بالصغيرة البكر الجميلة، والصغيرة البكر الجميلة الفقيرة ترغب بالشاب الصغير الجميل الغني، وهكذا كل طرف يبحث عن من هو أعلى منه، وليس في مثل مستواه، والرجل عادة هو من ينجح في تحقيق رغبته. وحتى الحب الذي دوخ الناس، غالبا ما يبدأ من الجمال الخارجي.

هذه السوق في بعض المجتمعات تحتكرها فئة دون أخرى، ففي بعض بلدان أفريقيا يحصل الرجل على عدد ما يشاء من النساء دون قيد، وفي البلدان العربية يتزوج الكهل طفلة بغض النظر عن مصلحتها وحقوقها، أما المطلقة فلا حظ لها في العروض الجيدة لأن المنافسة على أشدها، فالبيوت ممتلئة بالفتيات الصغيرات، مما يجعل المتزوجات غير السعيدات يعرفن مصيرهن كمطلقات، فيفضلن العشرة الرديئة على الطلاق.

وفي العالم العربي يفوق عدد الرجال النساء، لكن لأسباب ثقافية، فالرجال يعاملون كالسلعة النادرة المطلوبة، مما يجعل الرجل العربي –عادة- لا يبذل جهدا في مظهره، أو أسلوبه لجذب الأنثى، لأن ندرة السلعة تخفض المنافسة، وتقلل كذلك من جودتها. أما في مجتمعنا، فلو أن النساء اللواتي يؤرقهن مضي العمر مع الوحدة، فهمن قانون العرض والطلب، لربما تغيرت طريقتهن في محاولة الحصول على الشريك، أو ربما لخلقن وهن أمهات سوقا بمعايير مختلفة غير "الرجل ما يعيبه إلا جيبه"، ولصنعن بناتا لديهن تقييم عال للذات، ورجالا يقدرون المرأة، ويبذلون جهدا للحصول عليها.