كتبت كثيراً عن طائفة كبيرة من المواطنين المزارعين القرويين الجبليين.. وتذمرهم من تطبيق أوامر حكومية صدرت سابقاً، كان الهدف منها الحد من تملك الأراضي العامة بالصحاري والسهول الفسيحة بالأميال والكيلومترات، وهذا أمر وجيه بمجاله، لأنه يعطي الفرصة لمحدودي الدخل للحصول على قطعة أرض سكنية، ويوفر بذات الوقت أراضي لمشروعات وزارة الإسكان التي تعاني الآن من عدم توافرها.. ولكن البلديات والمحاكم الشرعية قامت على ضوئها بمضايقة الملاك القرويين عند استخراج صكوك على مزارعهم، وذلك بعدم السماح لهم بتملك المرافق الملاصقة لمزارعهم والمتوارثة لهم أباً عن جد، مع أنها ضيقة محدودة المساحة بعيدة عن النطاق العمراني، وأحياناً بأماكن معزولة لا يستفيد منها إلا صاحب المزرعة، إما لبناء سكن أو إنشاء حظائر لماشيته ومسرح لأغنامه وبيدر (الجرين) لغلته.. لا تؤثر على المصلحة العامة أو أملاك المجاورين بأي حال من الأحوال. ومن الجانب الآخر تعطيل حكم (الإحياء الشرعي) بشروطه المعروفة بالحديث الصحيح، بحجة أن أمراً صدر عام 1387 بإيقاف التملك فيما بعده إلا بشهادة شهود من الصعب إقدامهم عليها خشية الوقوع بالحرام.

إن القضية تحتاج إلى إعادة نظر عادلة، تأخذ بعين الاعتبار طبيعة الأرض ومساحتها ومدى ما يلحق المواطنين ذوي الحيازات الصغيرة المحتاجين للرعاية والتسامح للتوسع بمرافق مزارعهم التي لا يملكون سواها، وعدم مساواتهم بالإقطاعيين المستهدفين بالأوامر المشار إليها. والمطلوب من مسؤولي بلديات ومحاكم المناطق الجبلية أن يراجعوا مواقفهم من المواطنين المحتاجين إلى عطف ورعاية ولاة الأمر وفقهم الله؛ ليعاملوا وفق طبيعة الأرض وما تمليه الظروف الخاصة بهم.