حوّل عدد من الشباب في الرياض أحد المواقع إلى ساحة لاستعراض الكلاب الشرسة وسط منافسة للتباهي ولفت الأنظار إلى "الأقوى" و"الأجمل" بين تلك الحيوانات، إضافة إلى تنظيم المسابقات والمراهنات التي يكسبون ويخسرون من خلالها الأموال, فيما لا يتردّد آخرون من استخدامها كوسيلة "ترهيب" وتخويف للمارة.

ويتواجد عشرات الشباب من هواة هذا النشاط عصر كل خميس وجمعة بالساحة المحيطة بسوق الطيور بحي العزيزية جنوب الرياض عارضين ما لديهم من حيوانات شرسة للبيع, وبعضهم ينظّم منافسات بين أنواع مختلفة من الكلاب لتتعارك مع بعضها, وحين ينتصر أحدها تتجه نحوه أنظار الزبائن وترتفع قيمته في السوق.

وخلال زيارة "الوطن" للموقع رصدت العديد من الشباب وهم يعرضون كلابا خصص بعضها للاستعراض وآخر للبيع لاستخدامها في الحراسة وتباع بمبالغ كبيرة تبدأ من 1500 ريال.

ورغم استياء بعض المرتادين للسوق من هذه المناظر إلا أن شبابا أبدوا في حديثهم إلى "الوطن" رغبتهم في أن يسمح لهم بتنظيم مثل هذه الهوايات, وأن تخصص لهم ساحات معتمدة لممارسة نشاط بيع الحيوانات, وتنظيم مسابقات التحدي بينها بدلا من تنظيمها سرّا في الاستراحات الخاصة كما يحدث حاليا.

وقال عدد من الشباب الذين التقتهم "الوطن" في الموقع ومنهم سعد حاتم: إنه يحرص على التجوّل بكلاب أميركية من نوع البيتبول ""Pit Bull‏" الذي يعدّ أشرس أنواع الكلاب في العالم، ويتميز بقوة كبيرة ويعتبر صاحب أقوى فك بين الحيوانات, وتخافه غالبية الكلاب إذا ما هجم عليها, مضيفا: أنه يعرضه في السوق بسعر 1500 ريال، وهو سعر متدن مقارنة بأنواع أخرى تباع بعشرات الآلاف.

وبسؤاله عن فائدة عرضه لمثل هذه الكلاب، أجاب بأنه يمكن استخدامها في حراسة المزارع والاستراحات ويشتريه البعض من الزبائن لهذا الغرض, كما يحضرها بعض المراهقين للاستعراض ولفت الأنظار, في حين يحرص بعض الشباب على اقتنائه للمشاركة في منافسات ومراهنات للفوز بمن يكون "الأقوى" و"الأجمل" وحينها ترتفع أسعار الأنواع الفائزة ويستفيد الشباب ماديا من بيعها والإتجار بها.

ويشير زميله محمد عبده إلى أن بعض الشباب يستخدمون الكلاب في إبراز القوة ويخيفون بها الآخرين, حيث يدربونها على كلمات تعني الهجوم أبرزها مصطلح "كاتش" وحينها يهجم الكلب على ضحيته ولا يمكن الفكاك من بين فكيه القويين إلا بإطلاق النار عليه أو بإغراقه بالماء البارد, مضيفا: أن العديد من الشباب يهوون مثل هذه الممارسات ويتواجدون نهاية الأسبوع في الساحات المحيطة بسوق الطيور جنوب الرياض للتباهي بما لديهم من أنواع من الكلاب والقطط التي يهوون تربيتها والاستعراض بها.

ويطالب زميلهم فارس صقر بتغيير النظرة الاجتماعية السلبية تجاههم كشباب يهوون تربية مثل هذه الحيوانات، وقال: إنهم يرون في عيون البعض الاستنكار حين يشاهدونهم وبعضهم ينصحهم بعدم اصطحاب الكلاب, بينما تمنعهم بعض الجهات الأمنية من التجوّل بها. مطالبا بأن يسمح للهواة بممارسة هذا النشاط وأن تخصص لهم ساحات وأسواق معتمدة لتداول هذا النشاط بدلا من الهروب عند مشاهدة سيارات بعض الجهات المعنيّة بمراقبة الأسواق حتى لا تصادر ما لديهم من حيوانات.

من جهته، أبدى المواطن مبارك الدوسري استياءه من ممارسة عدد من الشباب السعودي الاستعراض بالكلاب في الأماكن العامة وتزايد ظاهرة عرضها وبيعها علنا، مضيفا: أن سلوكياتهم لا تقتصر على تجاوزهم عادات وتقاليد المجتمع, بل تعدتها إلى الخطر على السكان عبر اصطحابهم لكلاب شرسة عرف عنها الهجوم وإلحاق الضرر بالغير.

مشيرا إلى أن الكلب نجس ويحتاج من يتعامل معه الطهارة من نجاسته بالغسل سبع مرات فكيف بمن يقتنيها ويداعبها طوال الوقت, وقد يستخدمها في سلوكيات خاطئة كترويع الآخرين وإلحاق الضرر بهم.

وكان الشيخ محمد بن صالح المنجد قال في فتوى له: إنه لا يجوز للمسلم أن يقتني الكلب، إلا إذا كان محتاجا إليه في الصيد، أو حراسة الماشية، أو حراسة الزرع، حيث روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا فَإِنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ إِلا كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ" كما روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ وَلا مَاشِيَةٍ وَلا أَرْضٍ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ قِيرَاطَانِ كُلَّ يَوْم.

وأشار إلى أن الأحاديث السابقة تدل على تحريم اقتناء الكلب، إلا ما استثناه الرسول صلى الله عليه وسلم.

وكان الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قال في "شرح رياض الصالحين": وأمّا اتخاذ الكلب وكون الإنسان يقتنيه فإن هذا حرام، بل هو من كبائر الذنوب؛ لأن الذي يقتني الكلب إلا ما استثني ينقص كل يوم من أجره قيراطان حيث لم يستثن النبي من تحريم اقتناء الكلب إلا ثلاثة فقط، وهي: كلب الصيد ، وحراسة الماشية، وحراسة الزرع، وذهب بعض العلماء إلى أنه لا يجوز اقتناء الكلب لسبب غير هذه الأسباب الثلاثة، وذهب آخرون إلى أنه يجوز أن يُقاس على هذه الثلاثة ما كان مثلها أو أولى، كحراسة البيوت, لأنه إذا جاز اقتناء الكلب لحراسة الماشية، والزرع، فجواز اقتنائه لحراسة البيوت من باب أولى.