لم تكن القضية بين مصر والولايات المتحدة، خلال حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وقبله الرئيس الراحل أنور السادات، مبنية على علاقات الود الخاص، وإنما كانت نابعة من مصالح إسرائيلية بالدرجة الأولى. فالرئيس الراحل الذي وضع 99% من أوراق حل أزمة الشرق الأوسط في سلة الولايات المتحدة، انتهى به المسار في الكنيست الإسرائيلي، ومن بعدها في كامب ديفيد يوقع اتفاقيتها التي ـ نظريا ـ أعادت سيناء إلى السيادة المصرية، ولكنها عمليا أبقتها تحت احتلال مقنع.

كانت جريمة مقتل الجنود المصريين مؤخرا الضوء الذي سلط على هذه القضية، ليجد المصريون أنهم كانوا مخدوعين، وأن ما حققه السلام مع إسرائيل لم يكن إلا سلاما مزيفا، ستنجلي حقيقته مع أولى التجارب.

كانت إسرائيل واضحة في تنفيذها لاتفاقية كامب ديفيد والانسحاب من سيناء، وهو أن لا وجود عسكريا مصريا في شبه الجزيرة، إلا بصورة ضيقة، ويعني ذلك أن العدو يستطيع في أي لحظة التمدد وإعادة الاحتلال، وأن الولايات المتحدة تستطيع بجرة قلم وقف مساعداتها إلى مصر، إذا ما حاولت نقض كامب ديفيد.

يجاهر الأميركيون باستمرار تقديم المساعدات إلى مصر، بإبقاء القاهرة على "السلام" مع إسرائيل، ويعني ذلك وضع خريطة طريق أميركية لثورة 25 يناير، مفادها أن لا عودة في السياسة إلى مرحلة إغضاب إسرائيل، وأن لا عودة لمصر إلى المربع العربي الذي افتقدها لعقود من الزمن.