من يقرأ بعض صحافة مصر الشقيقة في اليومين الأخيرين، وبعيد أزمة نقل المعتمرين المصريين سيظن أن صالة مطارنا الدولي في جدة هي ميدان عبدالمنعم رياض أو فرع من ميدان التحرير حيث الحديث المبتذل عن العزة والكرامة وحيث التشجيع المنهجي من هذه الصحافة، أو بعضها، لهؤلاء على أخذ حقوقهم بأيديهم في – بلطجة – مكشوفة. مثل هذا التسويق الرخيص يعكس بعض الأدبيات التي تشحن في – المصري – اليوم روح الفوقية والأنا وكأن العالم من حوله بات له حديقة خاصة لا مكان فيها لسيادة أهلها عليها بكل ما للوافد الأجنبي من حقوق ومثل ما عليه من واجبات.

نسينا جميعاً في ثنايا الأزمة أي نقاش عقلاني. أول النقاش أن الناقل الجوي، سواء كانت خطوطنا أم غيرها، تتحمل جزءاً من المسؤولية، وأنا هنا أطالب الخطوط السعودية أن تعلن توقفها عن نقل رحلات المعتمرين من القاهرة وإليها، وأن تكتفي برحلاتها المجدولة طالما كانت هذه الخطوط في سباق تتابع للأزمات مع هذه الجالية بالذات. أما السؤال: لماذا هذه الجالية بالتحديد فقد كفاني قنصلها المقيم في جدة وهو يقول للزميلة عكاظ بالأمس، إن المعتمرين المصريين يتحملون جزءاً كبيراً من المشكلة، لأن الكثير منهم لم يلتزم بمواعيد حجزه مثلما لم يلتزموا بقوانين أحجام العفش المسموحة للمسافر، وهنا أطالب الخطوط السعودية أن تشرح للملأ هذه النقطة بالتحديد وأن تنشرها للجميع لأنها قد تكون نواة الأزمة. ثاني النقاش، أن نعيد للمطار هيبته واحترام قوانينه لأن صالات المطارات في كل مكان بالدنيا هي رمانة الأمان التي لا تكسرها ربع حركة شك مريبة. وإذا ما عرفنا حقوق المسافر النظامي، حجزاً وموعداً، ثم عرفنا أيضاً أعداد الذين دخلوا صالة المطار في غير مواعيدهم فسنعرف كفة الحق الراجحة وسندرك أين ابتدأت شرارة الأزمة. وإذا ما أردنا أن نحاسب الراكب ففي المقابل أن نحاسب المسؤول الموظف. لكن الأهم أن يعرف الكل أن سيادتنا على المكان ستبقى كاملة وغير منقوصة وأن الحقوق لا تؤخذ هنا باليدين. الجميع تحت سيادة القانون.