بين أنظمة أثبتت أنها لن تتورع عن فعل شيء صراعا على السلطة.. أطل العيد على دمشق وطرابلس بلون مختلف. إذ كان السوريون يحتفلون وسط أجواء غابت عنها الفرحة وخيم الحزن والعزاء على بلداتها، بعد سقوط 7 قتلى وعدد كبير من الجرحى، بسبب استمرار النظام في عمليات القمع والتنكيل مع الإصرار على لغة النفي وإخفاء الحقائق.
ولم يختلف كثيرا عيد الليبين عنهم، فكانت المشاهد الاحتفالية بدخول الثوار إلى طرابلس غير مكتملة، حيث أفسدها منظر تلك الجثث المحترقة والمتعفنة. وكان واضحا ردة فعل الثوار بسعيهم إلى الانتقام من كتائب القذافي.
أما في مصر، فقد بدت الهدنة هشة للغاية بين المتظاهرين والأحزاب المعارضة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة. وصار واضحا خروج الثورة عن مسارها الصحيح، والانجراف إلى صراعات أيديولوجية هدفها السلطة وتقاسم الغنائم تحت مظلة المشاركة في القرارات السياسية.
السودانيون من جهتهم، أعطوا مثالا آخر للنزاع غير الأخوي، فقد تقدم الشمال بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن يتهم فيها الجنوب بشكل فاضح بالتسبب في الفوضى وعدم الاستقرار، لتتسع بذلك دائرة العداء بين الجارين على مرأى كل الدول والشعوب.
وحتى الآن ورغم كل ما ذكر، لم تكن تلك الأحداث المؤسفة هي الأبرز، بل ظهر صراع من نوع أعمق. وهو الاصطفافات السياسية المتضادة تجاه الوضع السوري. حيث تحالفت كل من (إيران والصين وروسيا) للوقوف مع النظام السوري، بينما عارضت (أميركا وأوروبا) سلوك بشار الأسد وخالفت موقف تلك الدول. وبهذا فإن ما يمكن تأكيده، هو أن الشعب السوري لن يتمكن من إسقاط النظام بسهولة، فتلك الدول الثلاث قادرة على إيقاف أي قرار يمكن اتخاذه في مجلس الأمن. وليس خافيا على أحد أن تلك التحالفات المريبة، ربما تخلق تحالفات أخرى أشد خطورة، قد تتسبب في تقسيم وتقاسم المناطق العربية المضطربة جزءا جزءا، شبرا شبرا، دون حول لنا ولا قوة.