إن صحت الأنباء التي تحدثت عن قرب انتقال الإعلامي اللبناني جورج قرداحي والذي أنهى نظام بشارالأسد علاقته بـ" "MBC ـ ولو بشكل غير مباشر ـ إلى القناة الجديدة المسماة بـ"الميادين" التي يعمل على استكمال تأسيسها الإعلامي التونسي غسان بن جدو بعد استقالته "السياسية" من قناة" الجزيرة"، إن صحت تلك الأنباء فإننا سنكون أمام صرعة إعلامية عربية جديدة، تضم داخلها كتلا وشخصيات إعلامية يمكن أن توصف بأحزاب وتجمعات "الممانعة الكلامية" في العالم العربي.

فما يجمع هؤلاء الخارجين من أوسع أبواب القنوات الخليجية التي يرونها "بقرة حلوبا" فقط، هو محاولة الانتقام للذات، والضرب على أوتار "الممانعة" التي لن تتعدى أسوارالأستوديو المليء بالصراخ.

حقيقة لا أحب استعجال الأحكام، ولكن الطريقة التي أعلن بها غسان بن جدو عن إطلاق قناته الجديدة، وتأكيده أن سياستها ستكون تبني طريق "الممانعة والمقاومة" هي ذات العبارات التي يرددها على أسماعنا ليل نهار "حسن نصرالله" وحزبه، وهي ذات اللغة التي يُقتل بها السوريون كذلك ليل نهار في كل المدن، تحت مباركة وتأييد "نصرالله" الذي لا يرى ضيرا في قتل كل الشعوب العربية مقابل بقائه وحزبه و"بشاره" في دمشق و"نجاده" في طهران.

ولعل انكشاف مستور وحقيقة "بن جدو" جاء على لسان مذيع في قناة "الدنيا" السورية، التي نقلت عن "بن جدو" تبنيه الموقف السوري الرسمي دون خجل، فهو يرى أن سورية تتعرض "لمؤامرات خارجية"، وأنه اكتشف هذه "المؤامرات" بعينه من خلال الأسلحة التي يستخدمها "المسلحون" ضد الجيش (السوري / البشاري) اللطيف مثل نسمة الهوا! لكنه في الوقت نفسه لم يستطع رؤية أي قطرة دم تسيل من أشلاء المواطنين السوريين الذين مزقتهم دبابات "الجيش الممانع" فربما ما زال يعتقد أن تلك الدماء هي "فبركات إعلامية" كالتي برع في صنعها عام 2006.

أما المثير للغرابة فهو دخول "قرداحي" ـ إن صح الخبر ـ في هذه القناة الأيديولوجية بامتياز، وهو المعروف عنه أنه لا يجيد سوى تلقين ـ من يرغب في فوزهم ـ الإجابات على الأسئلة التي تظهر أمامه بإجاباتها حتى الوصول إلى الملايين التي تأتي من جيوبنا، وفي ذات الوقت يضلل من لا يدخل مزاجه، وقد يرضيه بـ" ألف ريال" تساعده على الحجز على أول طائرة تقلع من بيروت.

شخصيا لا أعتقد أن أمام قرداحي في قناة مثل هذه سوى تقديم برنامج "كيف تبقى حاكما على كرسي الممانعة؟".