• لا تعرف هل تكون مدينا لمن يأتيك بخبر الموت أم تنقم عليه وتتشاءم منه! حين يموت صديقك تشعر بغربة لا يمكن شرحها. الذي مات لم يكن صغيرا من صغارك، لم يكن أباك، ولا أمك، ولا إخوانك الذين قاسمتهم فراش طفولتك، إنه صديقك.. هذا البعيد فوق ما يظن أي أحد، القريب أكثر مما يظن أي أحد.. ومن يعرف من أين تأتي الوجع!.

• تنظر في كفيك وأنت تكتب رسالةً إلى ميت، رسالة تعرف أنها لن تصل، تنظر في كفيك وتعرف أنك تكتب لنفسك، أنك تخرج منك لتداري قوتك، تكتب لكي تملك شجاعة النحيب التي حرمت نفسك منها لأنك تعيش لغيرك. تكتب لكي تبرك على الأرض كما يفعل آخرون تعرفهم، لا يأبهون بك ولا بما تفكر فيه، وتتمنى لو أنك مثلهم!. تكتب رسالةً للموت والعدم، هذا كل ما تملكه، وتقول في نفسك "يا الله ما أشدّها على الروح تلك النهايات التي ترينا كم نحن صغارا ووحيدين!".

• ثم صوت من وراء الجبال يهتف في جفنيك "أفهمك".. وتقول في نفسك "أنا على شفير حياتي"، ها هي الجنائز تمشي في عينيك وتتقافز نحو الهاوية، التي لا يفهم الطيران فيها غير الذين فقدوا أية ثقة بالآخرين، وتظن أنك شبعت من كل شيء، أنك تعيش في الذكريات والأحلام.. لكنك مشغول بكل شيء، يا لتعاستك!.

• قل "اشتقت".

لا تستطيع!. قل "أحب".. لا تستطيع، إنك في الجحيم. أنت مليء بالريبة والأعين التي تخافك وتخافها. إنك في الجحيم لأنك يتيم حتى من نفسك، إن روحك تشبه أرملةً إحدى عينيها على صغارها والأخرى في حنائها. إنك ضائع.. ومهما كنت جميلا؛ أنت ضائع!.

• نمتَ اليوم. أمس لم تنم! نمتَ اليوم، تعرف أنك لن تنام غدا.

ثم صوت من وراء غيمة، من جبهة بيضاء، تحبك وتخاف عليك، تقول لك "لم تبد منهكا! هل تعبت! لا تستطيع فعل شيء وتشعر بورطة الوجود!. هيا انظر إلى نفسك، إنك تقضي عليها. لا أسامحك".. تفكر وتفكر، ثم لا يكون أمامك سوى النوم البليد أو العناد البشع!.

http://www.youtube.com/watch?v=K-dnoaoIxT0&feature=related

• حين يموت صديقك يحزّ في نفسك كل ما أنت عليه، كل واقعك يحز في نفسك، صديقك الذي يموت.. يختبر حياتك أكثر من أي أحد.

بعد ذهاب من نحب نشعر بفخ الحياة، يلمسنا الوهم ونلمسه، نريد أن نكون أطيب مما كنا عليه حين يموت أصدقاؤنا بالذات!.