إذا كان النفط مصدرا رئيسيا للثروة وسببا لنزاعات عديدة، فإنه قد يصبح على العكس في السودان دافعا لطلاق ودي بين الشمال والجنوب، فأرض الجنوب تحتوي على كميات كبيرة من الذهب الأسود غير أنه لا منفذ لديه لتصديره، أما الشمال، الذي لا يملك الكثير من النفط، فلديه خط أنابيب يصل إلى البحر الأحمر. وكان التكالب الشره على النفط أدى إلى تناحر عنيف أثناء الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، إذ استخدمت السلطة المركزية في الخرطوم في نهاية الثمانينات ميليشيات من البدو العرب من أجل تأمين الوصول إلى آبار النفط الواقعة في الجنوب.

من جانبهم كان المتمردون الجنوبيون يطالبون بتقاسم النفط المستخرج من الآبار الواقعة في المنطقة. ويكفل اتفاق السلام الذي أنهى في عام 2005 حربا أهلية دامت أكثر من عقدين تقاسما عادلا لنفط الجنوب، لكنه لا يضمن للجنوب حصة من نفط الشمال.

ماذا سيحدث في حال الانفصال، هل ستقوم حرب جديدة بسبب السائل الأسود الثمين؟ تجيب دانا ولكينز من منظمة "جلوبال وتنس" البريطانية غير الحكومية بالنفي قائلة إن "النفط يمكن أن يكون بلا شك عاملا يساعد على السلام في السودان". وتعتمد حكومة جنوب السودان شبه المستقلة بالأساس على النفط الذي يشكل 98% من مواردها.

ويقول مراقب للأوضاع في السودان "بدون خط الأنابيب لا يمكن للجنوبيين الاستفادة بأي شكل من النفط". ويتم تصدير نفط الجنوب الآن من خلال خط أنابيب طويل يعبر الشمال ليصل إلى بورتسودان على البحر الأحمر، شرق السودان. ويوجد بديل لخط الشمال وهو إنشاء خط آخر يربط جنوب السودان بكينيا، ولكن الخبراء يقولون إنه باهظ الكلفة وفي كل الحالات سيستغرق بناؤه سنوات. ويناقش الشماليون والجنوبيون حاليا تقاسما للنفط يحدد لكل منهما موارده منه، الجنوب عن طريق تصدير نفطه والشمال من خلال تأهيل خط الأنابيب.

وقال نائب وزير الخارجية النرويجي إسبت بارث إيد في مقابلة في السودان الأسبوع الماضي إن "النفط يمكن أن يسهل السلام، ولكن يتعين على كل طرف أن يقبل بحصول الطرف الآخر على حصة كبيرة من عائداته". وأضاف أن "الطرفين يمكنهما أيضا تخريب كل شيء إذا احتجز الجنوب نفطه ورفض الشمال نقله، ولكن في هذه الحالة سيكون كلاهما خاسرا، ولذلك فإن الصيغة الوحيدة الممكنة لضمان موارد للشمال والجنوب هي التعاون في استغلال النفط". وتؤكد دانا ولكينز أنه "من مصلحة الطرفين أن يصلا إلى اتفاق شفاف يتضمن آلية للتحقق من عمليات الإنتاج والنقل من أجل الحفاظ على سلام مستديم".