يعتبر 2011 هو عام الحسم بالنسبة للسودان، حيث سيتوجه أبناء الجنوب إلى صناديق الاقتراع في استفتاء يتوقع الكثيرون أن يتمخض عن الموافقة على انفصال الجنوب عن الشمال. وعلى الرغم من المساعي الدبلوماسية المكثفة لضمان إجراء الاستفتاء بسلاسة، تبقى شكوك حول ما إذا كان الشمال سيسمح للجنوب بالانفصال أم لا.

في نوفمبر الماضي تواترت التقارير على نطاق واسع عن ضربات عسكرية ينفذها الشمال على أراضي الجنوب، كما ترددت تقارير عن حشد قوات بطول الخط الحدودي. وهدد سياسيون في الشمال بعدم الاعتراف بنتائج الاستفتاء، فيما تحيط الشكوك بمدى الاستعداد لذلك الاستفتاء المقرر في يناير المقبل، ذلك أن الموعد الذي كان مقررا لتحديد مصير منطقة أبيي الغنية بالنفط، والواقعة على الحدود بين الشمال والجنوب قد فات منذ زمن، وهو ما يزيد المخاوف من احتمال تجدد الصراع.

لقد حذرت الحركة الشعبية لتحرير السودان، الحزب الحاكم في الجنوب، من احتمال إعلانها استقلال الجنوب من جانب واحد، إذا ما تم تأجيل الاستفتاء. وبحسب زعيم المعارضة الجنوبي لام أكول فإن التأجيل قد يؤدي إلى موجة عنف من قبل الجنوبيين. ويقول أكول: "التحدي الأكبر هو السيطرة على شعبنا وقمع مشاعرهم حتى لا يكون هناك تحرك خارج الإطار القانوني، ومقاومة التحركات أو البيانات الاستفزازية، لأن هذا هو أنجع وسيلة من جانب من لا يريدون الاستفتاء لعرقلته".

لقد أشار تقرير حديث صادر عن "مجموعة الأزمات الدولية" إلى أن التركيز على ضمان إجراء الاستفتاء في موعده أدى إلى ترك الكثير من القضايا الخطيرة التي سوف تحدد مستقبل السلام بين الشمال والجنوب دون حسم. ومن بين القضايا القائمة، مشكلة كيفية تقاسم عوائد النفط المستخرج من الحقول الواقعة على الخط الحدودي بين الشمال والجنوب، والذي لم يتم الانتهاء من ترسيمه بعد، وما إذا كان الجنوبيون الذين يقيمون في الشمال سيحصلون على حق المواطنة في الشمال أم لا، وكيف سيحقق الجنوب الانتقال لنظامه النقدي الخاص.

وحتى إذا تقبل الشمال نتائج الاستفتاء، سيبقى على الجنوب بناء دولة من لا شيء وسط انقسامات عرقية. وتهيمن على الجنوب قبيلتان هما الدينكا والنوير. وتسيطر الدينكا على معظم المناصب الحكومية. وكما قال أحد كبار المسؤولين عن الشؤون الإنسانية: "الشيء الوحيد الذي يبقي الجنوب متماسكا هو الاستفتاء". وإذا ما سارت الأمور وفق المخطط، فسوف يحصل الجنوب على استقلاله في التاسع من يوليو 2011. وخلال الفترة من فبراير موعد إعلان نتائج الاستفتاء واحتفالات يوليو، ستجتمع أحزاب الجنوب السياسية في مؤتمر لصياغة دستور والاتفاق على تشكيل حكومة مؤقتة.

وقال كليمنت جوما قائد أحد الأحزاب الصغيرة: إن هذا المؤتمر سيكون حاسما. وأضاف: "هذا المؤتمر الدستوري سيناقش قضايا مرحلة ما بعد الاستفتاء.. ما شكل الحكومة التي سنحظى بها؟.. شكل الدستور ومن الذين سيتولون المناصب وما هي المناصب المعينة التي سيتولاها كل منهم؟". وسيطلب من الحركة الشعبية التخلي عن بعض نفوذها. وستحدد كيفية تعاملها مع مطالب تقاسم السلطة بصورة محدودة عدد المقاتلين الساخطين الذين سيحتفظون بأسلحتهم ويعودون إلى الغابات مجددا. تقول كلير مكيفوي التي تدير التقييم الأساسي للأمن الإنساني التابع لمشروع مسح الأسلحة الصغيرة في السودان: إن حكومة الجنوب أمامها طريق طويل قبل أن تتمكن من التعامل مع أي اضطرابات محدودة قد تنشأ.