ها هي السنة الثالثة قد رحلت وانقضت أيامي في المرحلة الثانوية، لن أتكلم عن الابتدائية وبراءتنا فيها, ولا عن المتوسطة وشقاوتنا فيها, ولكن عن الثانوية ورحلتنا الطويلة فيها. من بين زحام الطالبات في مقاعد الدراسة وحرارة الجو في كل الفصول، نبدأ يومنا بالوقوف في ساحة التجنيد عفواً (ساحة المدرسة أقصد) ومن ثم الاستماع إلى مواضيع الإذاعات التي لطالما تمنيت أن أُتابع نشرات الأخبار بدلاً عنها. وبعدها المرور من أمام نقاط التفتيش العفو مرة أخرى أقصد (معلماتنا الفاضلات) لتقف كل طالبة إلى جانب الحائط لارتكابها إحدى المخالفات إما بموديل زيّها أو لون شباصتها الأحمر أو سوارها الأزرق أو حتى حذائها الأزرق ويا للعجب.!!. بعد الانتهاء من هذا السير, نصل لفصلنا، ونبدأ بترتيب أماكننا وللاستعداد للعاصفة التي ستهب علينا، لأن إحدى الزميلات نسيت كتابها وأخريات أهملن أداء الواجب، معلمتنا وصلت لنستقبل منها كما من المعلومات وبدون أدنى استيعاب، المواد العلمية الكل يعرف ما هي؟! فهل يستطيع أحد أن يقول لي كيفية القيام بنشاط عملي دون معمل؟! معلماتي دون استثناء يسعين جاهدات لإيصال المعلومات لنا ولكن ما كُل شيء بالخيال سيُفهم أو بالتشبيه يعرف؟! نملك المعمل ويا ليتنا ما نملكه، فمعمل الحاسب الآلي 25 جهازا فقط وأقل فصل فيه من الطالبات 36!! كيف سندرسه؟ ومتى سنطبق تلك البرامج؟ وفي كم حصة؟! وفوق هذا وذاك عدد منها عاطل لا يعمل والبقية لا برامج مُهمة فيها. واجباتنا المنزلية كثيرة لا حصر لها في إحصاءاتنا. الفُسحة ها قد رنّ الجرس لنخرج للزحام مرة أخرى ويا للزحام في ذاك الفناء وكأننا بأحد الحراجات، الأسعار في المقصف محطمة للأسعار هُناك (كل شيء دبل) الماء هو الأهم عندي وعندهم ولحاجتنا له بارداً فلن نجده! من أين وثلاجاتنا في الرمق الأخير من حياتها.
الاختبارات بكل اختصار شبيهة بالدراما التركية تبدأ ولا نعلم متى ستنتهي، وبعد كل هذا تأتي التقارير الشهرية التي لا نرى ظلها أو حتى نشم رائحتها! الخروج من الفصل (متأخراً) ومن ثم الصلاة (الظهر طبعاً!) وقبلها تبدأ رحلة البحث عن الماء لنشعر بقيمته إن وجدناه حيث إذا تم توفيره لنا في يومين أو ثلاثة في الأسبوع. ماذا عن بقية الأيام لسنا طالبة أو عشرا!! بل مئات.. قلت لنفسي ربما هو رزق للمقصف لنصرف آخر ريالاتنا من المصروف لشراء قوارير لنتوضأ ونصلي لندعو الله أن يرحم حالنا. نهاية اليوم الدراسي نبدأ سويّاً نتذوق مرارة الانتظار تحت لهيب الشمس لتحرقنا!! يا رب متى تصل السيارة؟ ويا ليت لنا ساحة مظللة مُكيفة. مدرستي تأسست منذ عام 1417 ونحن الآن في عام 1431, ولم نر سقفا يحمينا أو أجهزة تبريد ترحمنا.. أحيانا أقول إن عدم وجود السقف نعمة من الله ليّ؟ حتى لا تضع مدرستي حداً لطموحي الذي وصل لعنان السماء.. ها هي السيارة قد وصلت أخيراً, لأعود للبيت لأجد راحتي. هذا حالي وحال كثيرات ممن تبعد منازلهن عدة أمتار. فما بالنا بمن تأتي من الجبال البعيدة, كيف حالها؟، وبعد كل هذا العناء قالوا لي 30% فقط على شهادتي الثانوية حقاً سأُجن من هكذا قرارات تؤخذ بغير دراية عما في مدارسنا.