في سفري من جدة إلى جيزان الأسبوع الماضي، رأيت طريقا ممتازا، وصار يمكن اختيار السيارة بلا تردد وسيلةَ سفر بعد أن اكتمل ازدواج الطريق بمسارين في كل اتجاه. المفاجأة التي لم أكن أتوقعها أنه يجري الآن توسيع كل اتجاه إلى أربعة مسارات. أشهد أن الدولة، باكتمال الطريق، تبرئ ذمتها من مسألة سلامة المسافرين عليه، ويبقى حزم المرور ووعي المسافر في الحفاظ على حياته وحياة الآخرين.

ولأنه لا بد من منغصات، أظنها متعمدة حتى لا تكتمل فرحتنا بشيء أبدا، فقد ينفضك مطب مفاجئ تصعب رؤيته نهارا، بلا تنبيه يسبقه ودون أن يكون له لزوم. وفي هذا الطريق بالذات إسراف في عدد المطبات، وفي حجمها. يا جماعة ليست مطبات غرضها تنبيه السائق وإنما حواجز غايتها التنكيد عليه فقط، ومعاملته على أنه قاصر ومتخلف ولا يمكن إصلاحه.

بالقرب من أحدها كان على يميني فتى يقود سيارة متعَبة مهلهلة تزحف زحفا، خشي أن "تعلق" في المطب فمال بها لليسار ليصعده مائلا ثم ينزل بهدوء، صار معترضا أمامي تماما، وحين تجاوز المطب فتح باب سيارته كاملا ولوح بيديه معتذرا. أنساني لطفه انزعاجي. يا جماعة ارحمونا، نحن والله نستحق.

أدركني الليل في نصف الطريق، أجزم أن أنوار 90% من السيارات مضبوطة بشكل خطأ، بعضها معه شمعة واحدة وبعضها لا فرق بين النور القصير والطويل، وبعضها كسيارتي فنورها القصير على جانب الطريق ونورها العالي في فضاء الله الواسع، لكنها أكثر نظامية من تلك السيارات التي تمشي بلا أي أضواء خلفية، ومع ذلك لا أحد يعاقبنا.

يا جماعة عاقبونا، نحن والله نستحق.