أعربت قوى عراقية مشاركة في العملية السياسية والحكومة الجديدة عن قلقها من عجز الأجهزة الأمنية في الحد من حالات اغتيال لموظفين حكوميين وشخصيات سياسية في العاصمة بغداد، منتقدة غياب دور الحكومة في حفظ أمن المواطنين، فيما قتل أربعة من عناصر الشرطة أحدهم مقدم في هجوم انتحاري مزدوج في الموصل، إذ إنه ومنذ الأشهر الماضية وحتى وقت قريب جدا، طال كاتم الصوت ضباطا كبارا في وزارتي الداخلية والدفاع فضلا عن موظفين في هيئة النزاهة وعدد من منتسبي دوائر حكومية خدمية، وآخر حادث كان اغتيال السائق الشخصي للنائب الثاني لرئيس البرلمان عارف طيفور.
وبقدر ما أثارت تلك الحوادث مخاوف الأوساط السياسية والشعبية على حد سواء وجهت اتهامات إلى رئيس الحكومة الجديدة نوري المالكي لضعف إجراءاته بوصفه القائد العام للقوات المسلحة عن تطهير الأجهزة الأمنية من العناصر المرتبطة بميليشيات وجماعات مسلحة، وما ورد في هذا السياق تورط شخصيات مقربة من المالكي بـ"عصائب أهل الحق" المنشقة عن التيار الصدري التي يقال عنها إنها تقف وراء تنفيذ عمليات اغتيال ضباط كبار في الدفاع والداخلية باستخدام مسدس كاتم الصوت.
في المقابل نفى النائب عن ائتلاف دولة القانون عدنان الشحماني ارتباط شخصيات مقربة من المالكي بعصائب أهل الحق. مشددا على تمسك رئيس الوزراء بإبعاد العناصر المرتبطة بميليشيات أو جماعات مسلحة من الأجهزة الأمنية في حال ثبوت ذلك، وقال لـ"الوطن": إن "من يراجع بيانات وزارتي الداخلية والدفاع سيطلع وبشكل دقيق على إبعاد آلاف المنتسبين من الجيش والشرطة وبعضهم برتب عالية بعد ثبوت ارتباطهم بجماعات مسلحة أو الميليشيات الخارجة على القانون"، مضيفا: أن "البرنامج الحكومي المقبل تضمن بناء المؤسسة الأمنية على أسس سليمة بموجب الاتفاق السياسي بخصوص تشكيل الحكومة الجديدة، أجمعت الكتل النيابية على منح القائد العام للقوات المسلحة الحق في ممارسة صلاحياته بتطهير الأجهزة الأمنية بما يجعلها قادرة على مواجهة التحديات".
وتعليقا على حوادث الاغتيال باستخدام كاتم الصوت قال: "هناك جهات تسعى إلى إشاعة الفوضى والاضطراب الأمني من أجل إفشال العملية السياسية، ومواجهة مثل هذه المخططات تتطلب تضافر الجهود من قبل الكتل السياسية كافة للحد من أية ظاهرة تعرقل استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد".
وأعلنت عصائب أهل الحق مسؤوليتها عن اختطاف وقتل بريطانيين اختطفتهم من مبنى وزارة الداخلية في شهر مايو من عام 2007.
من جهة أخرى، رفض المالكي منح ائتلاف الكتل الكردستانية وزارة الأمن الوطني، وقال عضو الائتلاف، النائب محسن السعدون: "لم يستجب رئيس الوزراء لمطالبة ائتلاف الكتل الكردستانية بالحصول على وزارة الأمن الوطني وتجاهل استحقاق الكرد الانتخابي ورغبتهم في الإسهام بتحسين الملف الأمني انطلاقا من تحقيق مبدأ حكومة الشراكة الوطنية".
من جانبه نفى النائب عن القائمة العراقية خضر الطاهر طرح مرشحين منافسين لفلاح النقيب لوزارة الدفاع. مؤكدا تمسك زعيم قائمته إياد علاوي بالنقيب لتولي المنصب. وقال: "حتى الآن لم يتم طرح مرشحين من قبل القائمة العراقية، وزعيمها إياد علاوي ما زال مقتنعا بفلاح النقيب لشغل منصب وزير الدفاع".
هذا ورجح أعضاء من نواب التحالف الوطني والقائمة العراقية إمكانية اعتماد مبدأ التوافق للتوصل إلى اتفاق نهائي لحسم اختيار المرشحين لشغل مناصب الوزارات الأمنية في الحكومة الجديدة.
أمنيا، أعلنت مصادر في الشرطة العراقية أن مفجرين انتحاريين اقتحما مقر فوج للشرطة في مدينة الموصل بشمال العراق أمس وقتلا قائد الفوج. وأضافت المصادر: أن المهاجمين اللذين كانا يرتديان سترتين ناسفتين فجرا سترتيهما في غرفة المقدم شامل أحمد عكلة الذي يرأس الفوج في منطقة باب سنجار غرب الموصل.
وقتلت الشرطة مهاجما انتحاريا ثالثا قبل أن يتمكن من دخول المبنى. وقال مصدر بالشرطة في الموصل: "الانتحاريان تمكنا من الدخول إلى مقر الفوج وفجرا نفسيهما داخل غرفة المقدم شامل ومازالت جثته تحت الأنقاض".
وتابع: "المقدم شامل كان معروفا عنه أنه كان نشطا في مطاردة مجاميع وأعضاء تنظيم القاعدة في المحافظة، ولهذا السبب هم استهدفوه".
وقالت مصادر بالشرطة: إن شرطيا أصيب في الهجوم. وقالت مصادر بالمستشفى ومشرحة المدينة: إنه لا يوجد قتلى آخرون فيما يبدو.
وتعتبر مدينة الموصل الواقعة في شمال العراق على بعد 390 كيلومترا شمال بغداد آخر معاقل القاعدة في مناطق الحضر العراقية، ولا تزال إحدى أخطر مدن العراق.