برز أول اهتمام استضافات المدن من أولى دورات الألعاب الأولمبية الصيفية التي انطلقت في العصر الحديث في العاصمة اليونانية أثينا عام 1896 والتي تبنت فكرة استضافة المدن وليس الدول، على العكس من ذلك نجد كؤوس العالم لكرة القدم التي بدأت بالعاصمة الأوروجويانية مونتيفيديو عام 1930.

وبعد ذلك أصبحت مدن عدة بكل دولة تحظى بشرف استضافة الأولمبياد، وكذلك الحال لبقية الألعاب الرياضية من خلال اتحاداتها الدولية التي هي الأخرى أخذت على إعطاء مدن حق تنظيم جولات وبطولات مجمعة في هذه الرياضة وتلك.

ومن خلال هذه الاستضافات تطورت المدن بفعل النشاط الرياضي، وأصبحت الشعبية تتزايد من واقع تنقل الحراك الرياضي والشبابي هنا وهناك، وهذه نقطة أسمى في المحافل واللقاءات الرياضية.

هذه المقدمة قصدت منها إعطاء فكرة موجزة عن أهمية منح المدينة فرصة أن تستضيف حدثا رياضيا كبيرا وما ينعكس ذلك على المكان والسكان من إضافات وتحسينات وتحفيز للنشاط الرياضي أياً كان.

ولعل بروز تقليد أخذ يتنامى شيئا فشيئا في العشرية الأخيرة وهو قيام الاتحادات الكروية المحلية بجعل مباريات المنتخب الأول لكرة القدم متاحة في جميع مدن البلاد، وأخذت اتحادات أوروبية على وجه التحديد هذا الأمر على محمل الجدية وأصبح جزءا لا يتجزأ من أعمال ومهام الاتحاد المحلي التي يضعها ضمن أجندته ويفرضها على فرق عمل المنتخب.

ولعل أكثر دول العالم قناعة وتنفيذا لهذا التقليد الجميل إيطاليا وإسبانيا والأرجنتين والبرازيل، وفي صورة أقل فرنسا.

ومن يتتبع الشأن الجماهيري سيجد أن جماهير هذه الدول هي الأكثر استقطابا ودعما لمنتخباتها الوطنية كانعكاس طبيعي لهذا التقليد الذي منح مواطني البلاد دون تمييز حق متابعة منتخبهم الوطني الأول لكرة القدم كونه واجهة رياضية للوطن ومحل متابعة وتغطية إعلامية أوسع من غيره من المنتخبات الرياضية، ليصبح مشجع المنتخب في العاصمة شأنه شأن المشجع في آخر مدينة في شمال أو جنوب أو شرق أو غرب البلاد، وهذه الفضيلة لا شك لها دلالتها عند المشجع البسيط تخلق روحا تواصلية تجمع الأكثرية من محبي الرياضة حول منتخبهم الوطني!.

هنا في المملكة بدأ التقليد يتبلور أكثر عاما بعد عام، وأصبحنا نقيم مباريات المنتخب السعودي في أكثر من مدينة، لكن هذا الأمر ما زال محدودا جدا، ونجد التركيز واضحا على ثلاث مدن فقط (الرياض، جدة، الدمام) في وقت نعرف أن مدن المملكة كثيرة ومترامية الأطراف، فأين أبها، وأين بريدة، وأين حائل، وأين سكاكا، وأين نجران، وأين الباحة، وأين جازان، وأين عرعر؟!

إن جماهير الرياضة السعودية في هذه المدن تواقة لرؤية منتخبها يلعب إحدى مبارياته الدولية سواء الودية منها أو الرسمية في مدينتها فتتفاعل معه حضورا في المدرجات أو تشجيعا معنويا في كل مناسبة ترتبط به لاحقا كيف لا وهو الذي أتى ولعب في مدينتها، وبالتالي أصبح هناك رباط يجمعها هو محبة المنتخب وتمني دوام نجاحه في مشاركاته.

هي أمنية كثير من المحبين للكرة السعودية، أن يروا منتخبهم الأول على وجه التحديد يلعب بجميع المدن السعودية، وكذا يتم تدوير إقامة معسكراته بهذه المدن لما في ذلك من حضور إعلامي وتغطيات بالكلمة والصورة تحفز سكانها بالتلاحم والدعم المعنوي لهذا المنتخب عناصريا وإداريا.

فهل سنرى قريبا تقنينا (برمجة) لمباريات المنتخب السعودي في المدن السعودية؟.