أثار عضو مجلس الشورى الشيخ عبدالله بن سعيد أبوملحة جدلاً حول قصر شدا التراثي في مدينة أبها بمنطقة عسير، والذي يحوي جزءاً من تراث المنطقة وقال أبوملحة لـ"الوطن" إن المسمى الحقيقي هو القصر الأبيض وليس شدا المتعارف عليه.

وأضاف أبوملحة: القصر الأبيض بناه الشيخ عبد الوهاب أبوملحة في الأربعينات الهجرية، وأن كبير بناة القصر استدعاه الشيخ عبدالوهاب، وطلب منه بناء قصر على غرار القصور الطينية الموجودة في محافظة خميس مشيط، والتي يميزها عن مباني أبها التراثية عدم وجود الرقف"صفائح من الحجارة"، تمنع عوامل التعرية من الوصول إلى اللبن"المدماك" على أن تتم المحافظة على الشكل الخارجي بالتعويض عن الرقف بالقضاض "الجص"، وبدأ العمل الفعلي في تشييده عام 1347 لينتهي بعد عام تقريباً.

ويضيف أبوملحة أن أول من سكن القصر جده الشيخ عبدالوهاب حتى عام 1365، ولكن عوامل من أهمها قلة الصيانة، وتقادم عمر المبنى، ومرور طريق الملك فيصل، فقد تعرض قصر شدا التاريخي للانهيار وأقيم على أنقاضه مبنى شركة الاتصالات.

ويضيف عضو مجلس الشورى الشيخ عبدالله أبوملحة بقوله: كتب الأمير تركي السديري للملك عبدالعزيز بأنه من المناسب أن يتم استئجار مبنى للإمارة، ووقع الاختيار على القصر الأبيض، الموجود حالياً خلف مبنى إمارة منطقة عسير حالياً، وأن يكون مقر الجند في قصر شدا (الذي انهار)، وقد وردت من الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود برقية عام 1353 للشيخ عبدالوهاب يبلغه فيها أن من الأفضل جمع الجنود في البيت الذي يسكنه السديري وأن يخلوا القصر الذي يسكنون فيه ليصبح قصرا للإمارة، على أن تسكن أسرة آل أبوملحة في أحد البيوت المناسبة، وجاء في البرقية ما نصه "حتى تتيسر الأمور وتبنوا لكم منزل على ما في الخاطر".

ويستطرد الشيخ أبوملحة بقوله: قام الشيخ عبدالوهاب بشراء بعض الأراضي أمام ساحة البحار وأبلغ الملك عبدالعزيز بأنه بدأ في بناء مقر له ويستأذنه في البقاء في القصر الأبيض حتى يكتمل البناء لأنه لا يوجد بأبها منزل مناسب للسكن فيه. وفي بداية سنة 1356 انتقل الشيخ عبدالوهاب إلى قصره الجديد المشرف على ساحة البحار (المتحف الوطني بعسير حاليا) وسلم القصر الأبيض للأمير تركي السديري والذي أصبح قصرا لإمارة عسير في ذلك الوقت، وأنه عندما قررت الدولة افتتاح مدرسة عسكرية في المنطقة لم يجدوا مكانا مناسبا لها من حيث المساحة، وحجم الغرف إلا ذلك القصر، وقد تم استئجاره لكي يصبح أول مدرسة عسكرية في الجنوب سنة 1369، ودخل هذه المدرسة معظم أبناء المنطقة الجنوبية حيث إن معظم الضباط الذين تسلموا مناصب قيادية عسكرية في الدولة من أهل المنطقة الجنوبية قد تخرجوا من هذه المدرسة، التي كانت من أوائل المدارس العسكرية التي أنشأتها الدولة في تلك الفترة.

وبعد خروج المدرسة العسكرية ونقلها إلى مدينة الطائف، سكن القصر أبناء الشيخ عبدالوهاب من بعده حتى نُزعت ملكيته للدولة سنة 1397.

وبين أبوملحة أنه بالنسبة لقصر الشيخ عبدالوهاب والذي يشرف على ساحة البحار، فقد نزعت ملكيته بأمر الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله عندما كان في زيارة لمنطقة عسير وسأل حينها أمير المنطقة آنذاك الأمير خالد الفيصل عن القصر الذي كان يشاهده في الطرف الغربي من ساحة البحار أثناء الحفل، فبين له الفيصل أن هذا قصر الشيخ عبدالوهاب أبوملحة وأنه يقترح نزع ملكيته كمتحف، وأعجب الملك بالقصر والفكرة وباركها، وأمر أن تنزع ملكيته للدولة لكي يكون أثرا من الآثار المميزة في منطقة عسير.

إلى ذلك أكد عضو مجلس الشورى سابقاً الدكتور محمد بن عبد الله آل زلفة أن المسمى الصحيح لما يُعرف بقصر شدا حالياً هو "القصر الأبيض"، وأن شدا التاريخي قد انهار لعدة عوامل، وأن قصر أبوملحة في ساحة البحار بني على مراحل، ويُعبر عن هوية واحدة، وأنه بني عام 1942، وعُرف عنه في حينه بأنه أكبر بناء في أبها، وتمت توسعته 1958 واستخدم كمكتب للإمارة، واستخدمت الخامات المحلية في البناء، وأن اللون الأخضر يطغى من الداخل، واستخدمت الحجارة "الرقف" في تزيينه ولمنع مياه الأمطار والرياح من تعرية المداميك، وفي تصميمه مزيج بين بيوت خميس مشيط وأبها، والحجاز عموماً.

يذكر أن قصر أبوملحة تعرض لانهيار جزئي من الجهة الشمالية، نتيجة الأمطار الموسمية التي هطلت على المنطقة العام الماضي، تزامن ذلك مع محاولات الحفر والقطع لأساسات متحف عسير الإقليمي الذي تمت ترسيته على مقاول وطني، وأدت تلك العوامل مجتمعة إلى سقوط بعض أجزاء من أسقف الغرف والممرات، إلا أن توجيهاً صدر من رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار يقضي بإعادة القصر إلى ما كان عليه في سابق عهده وبالفعل يقوم مقاول متخصص في المباني التراثية بترميمه وصيانته ويتوقع أن ينتهي منه خلال بضعة أشهر.

وفي المقابل أكد مدير إدارة التراث بالهيئة العامة للسياحة والآثار المهندس محسن القرني أن الهيئة قد أوكلت أعمال ترميم بيت أبوملحة وتدعيمه إلى أحد المقاولين الذي بدأ بتجهيز وتوريد المواد منذ يوم الثلاثاء الموافق 23/11/2010 تمهيداً لبدء تنفيذ الأعمال فعلياً يوم السبت الموافق 27/11/2010 التي بدأت بإنشاء الأساسات للجزء المنهار في الجزء الشمالي من المبنى، وإزالة المخلفات والنباتات داخل ومن أعلى المبنى، علماً بأن العمل مازال جارياً لحين الانتهاء بالكامل من ترميم المبنى، علماً بأن الهيئة تقوم بالإشراف والمتابعة المباشرة من خلال مستشار الهيئة المهندس صادق المشهور ومكتب الآثار بمنطقة عسير والإدارة العامة للمشاريع والتنمية تنفيذاً لتوجيهات سمو الرئيس.