في عيدك الوطني ياوطني، سأقرأ أوراقي القديمة، فقد كتبوا لي فيها: أحب وطني لأنني آكل من خيراته وأتنفس هواءه، أحب وطني لأنني ولدت على أرضه وكبرت تحت أفيائه، أحب وطني لأنه رباني وعلمني وأنفق علي ووظفني. أحب وطني لأنني أشعر بالأمان على أرضه، أحب وطني لأنه أشرف البقاع وحكامه خيرة الحكام، أحب وطني لأنني لا أكون حرا وكريما إلا على أرضه.
أما الآن وقد كبرت، فسوف أكتب أوراقا جديدة، وسوف أكتب بالخط العريض (أحب وطني) هكذا فقط، وبدون الكثير من لامات التعليل وفاءات السبب، فحبي لوطني أزلي مطلق، لايبرره ولا يعلله أي سبب كان، ولا يرتبط بمصلحة ما، أحبك ياوطني رغم أنوف الحاقدين والمزايدين. وسوف أفديك بكل غال ونفيس. ستجدني وقت النداء أنتظم في طوابير الفداء، أعلن السمع والطاعة، وأقدم روحي رخيصة من أجلك، لا تسألني لماذا أحبك كل هذا الحب، فليس من المنطق أن تسأل الأم عن سبب حبها لأبنائها. وكل الأسباب التي يسوقها الصغار لتفسير حبهم لأمهاتهم ليست منطقية.. لا تسألني لماذا أحبك؟ فأنا أعتقد أنني خلقت من طين أرضك، لذلك فالموت من أجلك عودة إليك. عندما يشاهدونني هناك فيسألونني من أين أنت؟ أشعر بالزهو، وأقف بجدية وأشمخ برأسي عاليا قبل أن أصدح باسمك بكل فخر وكأنني أؤدي السلام الوطني، معلنة انتمائي لك. لأنني أعي أن اسمك أيها الوطن يضم كل معاني الرقي والحضارة والترابط والحب. اسمك يعني السيادة والقوة والحكمة، اسمك يعني الهيبة والوقار.
اسمك يعني ألوانا طيفية من التسامح والتناصح والرأفة والسلام.. لذلك فحبي لك مفخرة أورثها لأولادي الذين سيأتون بعدي، وأعلمها لجيل أربيه وأعده للمستقبل، وأزرعها وردة في حديقة منزلي ليراها العابرون ويستنشقوا عطرها.