ما فعله ولي أمر هذه البلاد الطاهرة بقراره الأخير في مجلس الشورى، ليس إلا أنه وضعنا في الوضع الطبيعي الذي عاشت فيه صيرورة حياة ـ الزوجين ـ لا في كل العالم والأزمنة والعصور والمجتمعات فحسب، بل حتى في السياق التاريخي لإرثنا الإسلامي وفي النسق الطبيعي الذي تعيشه كل المجتمعات الإسلامية في كل الأقطار والمجتمعات من أرخبيل الملايو حتى القيروان وفاس.
لب إشكالية مجتمعنا مع المرأة أنه مجتمع يختلق قصة من شيء لا توجد فيه قصة. لم يقف أحد مع نفسه ليسألها ببساطة: ما الذي سيحدث لو أن عشرين امرأة دلفن صباح اليوم إلى مبنى مجلس الشورى وما الذي سيحدث لو أن مليون امرأة ذهبن صباح الخميس القادم للاقتراع على المجالس البلدية في مراكز انتخاب مؤنثة 100%؟
الجواب لا شيء على الإطلاق سيحدث. فالذي سيذهب هذا الصباح للمجمع الحكومي في مدينتي سيكتشف عشرات النساء اللواتي يراجعن هذه الإدارات في بعض شؤونهن المختلفة، والذي سيذهب صباح اليوم لمجلس الشورى سيكتشف أن ما لا يقل عن عشرين امرأة قد دلفن من ذات البوابة وفي كل الحالات لم يحدث ما يخدش زجاجة. هناك أشياء في حياتنا نصنع منها وهما خياليا ونحن لم نختبر آلاف الحالات المشابهة التي لم تقد واحدة منها إلى خطيئة. لم يسبق لنا أن سمعنا عن قصة مريبة واحدة في مجمع حكومي مثلما لم نسمع أيضا أن امرأة أو رجلا أخل بشيء من الأدب والذوق العام في كل الأماكن الرسمية.
حتى في مجتمعات العالم الإسلامي التي خاضت هذه التجارب تظل قصص الجنح والخطيئة لها أماكنها البعيدة عن الأعين. يحب ألا نكون نشازا من إرثنا التاريخي الإسلامي أيضا حتى لا نصبح نشازا بين كل منظومة العالم الإسلامي ومجتمعاته لسبب بسيط: لأننا لم نقف مع أنفسنا لحظة لنسألها السؤال الأهم: ماذا سيحدث؟