لم تعد اللعبة في يد الجزيرة والعربية بكل الهالة الضوئية التي تحيط الاسمين، بل هي الآن في يد قنوات بسيطة الإمكانات مثل قناة شام.

المساحة ضيقة جدا لتصوير أي شيء في سورية الآن، ومع كل يوم يمر من أيام الثورة السورية الشعبية؛ تكون المساحة أضيق وأخطر، حتى لو كان الهدف هو التقاط صورة قطة تعبر الشارع، ذلك أنه لو سلمت القطة من رصاص الجيش والشبّيحة فلن يسلم المصور.

صورة الثورة الشعبية السورية غير واضحة من البداية، وهذا بسبب الخناق المشدد من قبل السلطة السورية على كل ما في الشارع من أحداث، ونقل ما تريده السلطة فقط من خلال قناة رسمية واحدة، هي الفضائية السورية، وهي في أغلب ما تنقل إما كاذبة أو منتقية لما يخدمها في مناهضة الثورة، وفي الحالتين هي لا تنقل الحاصل فعلا في سورية.

صورة الثورة السورية، زاد في عدم وضوحها فيما بعد منع السلطة لأي قناة غير الفضائية السورية أن تصوّر أي شيء، حتى وإن خرجت بثينة شعبان لتكذب على خلق الله وتقول إن القيادة السورية ترحب بأي وسيلة إعلامية عالمية لتصوير شوارع سورية، وإن الوضع في سورية آمن ومريح على الآخر، ولا ينقص أحد إلا أن يضع "رجل على رجل ويطلب شيشة".

رغم كل هذا التضييق الفج على العين الإعلامية في سورية إلا أن قنوات سورية صغيرة وقليلة وغير معروفة استطاعت أن تفعل ما لم تقدر على فعله كبريات القنوات الإخبارية مثل الجزيرة والعربية بكل مراسليها.

الذي لفت نظري من بين تلك القنوات القليلة والصغيرة وغير المعروفة، هي قناة (شام)، وهي قناة فيما يبدو لي أن ملكيتها تعود لأحد الأفراد، وإن ابتعدت فلن تخرج ملكيتها عن مؤسسة إعلامية صغيرة، لكنها قناة قلبت كل الأعراف الإعلامية حول ضخامة الإمكانات وكثرة المراسلين، فهي في الغالب مجموعة كاميرات صغيرة تنقل الحدث السوري من كل زقاق ومن كل شارع.

الغريب فعلا أن كبريات القنوات الإخبارية كالجزيرة والعربية صارت تنقل عن هذه القناة الصغيرة ما تصوره هي، وتضع على استحياء شعار قناة شام.

بعد أن انقلبت الموازين صار من الواجب على القنوات الإخبارية الكبرى أن تغني "يا مال الشام".