ـ 1 ـ
استيقظ متثاقلا بعد الظهر، أحضروا له الماء إلى السرير.. غسلوا وجهه ونشفوه. ولأن الحمام يبعد عنه مسافة أمتار، أصدر أوامره لاختيار من يدخله نيابة عنه..! أما رياضته الصباح، فكان قد أعد لها منذ زمن فريقا يمارسها بدلا منه في حديقة قصره أو خيمته الرئاسية ليحافظ على لياقته.
قرأ له مدير مكتبه العناوين العريضة لما يحدث في البلد، وبما أن "كله تمام"، عاد للنوم من جديد.
2 ـ
يصادف يوم آخر ذكرى مناسبة قومية، إنها ذكرى "الثورة" التي قادها ضد "الطغاة" سعيا إلى الديمقراطية.. كتبوا له الكلمة التي سيلقيها متقطعة كالعادة بسبب تصفيق ومداخلات الحشد الجماهيري الهائل.. ولأنه "هو" لا بد أن يخرج عن النص، فيهلوس قليلا متمتما بعبارات غير مترابطة.. ويضحك قليلا ويشرح جملا باعتبار من أمامه "لا يفقهون" إن لم يوضح لهم، ويحرك يديه ذات اليمين وذات الشمال.. وتنتهي الاحتفالية بنزوله محاطا بحشد كبير من رجالاته وأمنه وعسكره "بلباس مدني" كي يعرف العالم مدى حب شعبه له. ولن ننسى القصيدة العصماء التي ألقاها الشاعر (......) في مديحه، تلك القصيدة التي ستدخل التاريخ وتنشر في أحد الكتب التي تتحدث عما قيل عن "الزعيم".
ـ 3 ـ
كبر إخوته وأولاده، وإخوة زوجته وأبناء أعمامه وأخواله.. بعضهم صاروا قربه في الفرق العسكرية الخاصة، وبعضهم فتحت لهم أبواب الرزق من حيث لا يدرون! فصاروا وحدهم تجار البلد، تتهافت عليهم كبرى الشركات العالمية، ومن كثر أموالهم قرروا تقديم التبرعات للمواطنين.
ـ 4 ـ
لأن "الزعيم" يؤمن بالحرية فقد تورّط برلماني ذات يوم ديمقراطي فسأل سؤالا، اختفى بعده وانقطعت أخباره عن العالم. وسأل آخر فانتهى كمثل الأول.. ولم يعد أحد يجرؤ على السؤال...
ـ 5 ـ
كل مولود في البلد يتعلم لغة الصمت قبل أن يتعلم النطق.. وفي الوقت الذي يطالب فيه "القائد" شعبه بالحديث عن "النواقص"، فإنه كان يوجّه أمنه لقمع من لا يقول إن الوضع في أحسن حال في ظل "القيادة العظيمة" و"التاريخية".. والجغرافية والفيزيائية... وكل ما يخطر وما لا يخطر على البال.
ـ 6 ـ
كرس مفردة "الثورة"، وسمّى دولته في خطاباته "بلد الثورة" بالرغم من أن لا أحد يعرف على من تثور!، ولذلك قرر الشعب أن يحول المفردة إلى حقيقة فثار عليه..
ـ 7 ـ
أحدهم طار.. والثاني استسلم، والثالث هرب.. وآخر يراوغ، وغيره يحارب شعبه.. ولم تنتهِ حكاياتهم بعد.