لم تبد المسافة بعيدة بين كثرة التبرير والحديث الطويل في التفاصيل الصغيرة التي كان مدرب المنتخب السعودي السابق، البرتغالي خوزيه بيسيرو يلجأ إليها في مؤتمراته الصحفية حتى يصدّع بها أدمغة الحاضرين، وبين اتجاه خلفه الوطني ناصر الجوهر وفي مؤتمر مماثل للحديث عن "عين" أصابته.

ونحّى الجوهر الحديث عن شجون وأحوال المنتخب جانباً ليسبق إدارته لأول 90 دقيقة رسمية للأخضر في البطولة الآسيوية الحالية المقامة في قطر بالقول "لقد جنيت على نفسي حينما سئلت عن وضعي الصحي من قبل الإعلام، وأجبت حينها أن لدي القدرة على تدريب أربعة منتخبات في آن واحد.. لكني الآن أقول لكم لن أستطيع تدريب سوى نصف منتخب".

ومع انشغال الجوهر بنظارته السوداء التي ارتداها حينا وأزاحها حينا آخر في مؤتمره الصحفي أمس، يخشى نحو 20 مليون سعودي أن تستمر خشيته من العين، بحيث لا يدير سوى "نصف منتخب" في مباراة تحتاج أن يكون الأخضر أكثر من مجرد منتخب حتى يتخطى نظيره الأردني عصر اليوم ويعود إلى أجواء المنافسة على تخطي عقبة الدور الأول للبطولة بعدما افتتح المشوار بخسارة مؤلمة أمام سورية 1/2.

وفي وقت يراهن فيه الجوهر على تكرار حكاية آسيا 2000 في لبنان، يخشى كثيرون أن تغير الزمان والمكان ربما يؤثر في السيناريو، خصوصاً أن حديث التاريخ لن يكون كافياً وحده ليعيد الأخضر إلى أجواء البطولة التي دخلها كأبرز المرشحين، قبل أن يتحول فيها ضمن أكبر الخاسرين.




يعود مدرب الطوارئ ناصر الجوهر "64 سنة" مجددا للأخضر في سيناريو متكرر بعد 11 عاما من تعيينه لأول مرة في مشواره التدريبي مع المنتخب السعودي, ويأتي كامتداد واضح لمدربي الطوارئ للمنتخب الأول, ويحققون إنجازات رغم عدم استمرارهم فترة طويلة.

لقّب الجوهر بمدرب "الفزعات"، الذي يعتبر بمثابة مسكن للألم غير أنه لا يستطيع إزالة تلك الآلام التي تصيب جسد الأخضر من فترة إلى أخرى بمسببات عديدة لا مجال لحصرها، وبدأ الجوهر مشواره الرياضي بنادي النصر الذي لعب له قرابة الـ20 عاما في مركز الظهير الأيمن, كما قاد لاعبا المنتخب السعودي خلال الفترة من (1969 / 1976).

وفي مشواره التدريبي فقد لمع مدربا للنصر خلال الفترة 1990 / 1991 إلا أنه لم يحقق أي بطولة, ولكنه حصل على وصافة الدوري والكأس، وقاده إلى نصف نهائي أبطال العرب.

ابتعد الجوهر عن الرياضة تسعة أعوام، ولم يكن لديه أي نشاط يذكر, وفي عام 2000 أعاده الاتحاد السعودي لكرة القدم مساعدا للمدرب التشيكي ميلان ماتشالا في كأس آسيا بلبنان, وحل محله من أجل تكملة المشوار وذلك عندما أقيل ماتشالا بعد خسارة الأخضر أمام نظيره الياباني 4 / 1، حيث ساهم في قيادة المنتخب إلى التأهل للمباراة النهائية التي خسرها المنتخب أمام المنتخب الياباني صفر / 1.

استمر الجوهر مدربا للأخضر بعد ذلك وحقق معه لقب "خليجي 15" عام 2002 التي أقيمت بالرياض، لم يستمر طويلاً، فقد عين الاتحاد السعودي المدرب الصربي سلوبودان سانتراتش، ولكن الأخير لم يستمر مع المنتخب، وتمت إقالته وأعيد الجوهر مرة أخرى ليواصل مشواره مع الأخضر، ويقوده إلى كأس العالم 2002 ولم يحقق المنتخب النتائج المأمولة منه في المونديال.

وفي عام 2008 تعاقد الاتحاد السعودي لكرة القدم مع المدرب البرازيلي أنجوس بديلا للجوهر الذي أعيد مساعدا له, ولم يستمر المدرب البرازيلي طويلا فقد تمت إقالته ليأتي الجوهر بديلا له، إلا أنه لم يستمر طويلا في هذا المنصب فقد قدم استقالته وتم تعيينه مستشارا فنيا, فتم التعاقد مع البرتغالي خوزيه بيسيرو عام 2009 أكثر مدرب استمر مع الأخضر.

وفي أول مشوار للمنتخب في العام الميلادي الجديد في البطولة القارية، خسر المنتخب السعودي أولى مبارياته في كأس أمم آسيا 2011 أمام المنتخب السوري 1 / 2.

ليعلن الاتحاد السعودي إقالة المدرب البرتغالي، ويعيد سيناريو ناصر الجوهر مجددا مدربا للأخضر.

ويعتبر الجوهر ثالث مدرب وطني يتم تعيينه للأخضر، فقد بدأ اتحاد الكرة بتعيين المدربين الوطنيين بعد إخفاق المدربين الأجانب، ورغم نجاحاتهم إلا أنهم لم يستمروا طويلا في تدريب الأخضر، ففي عام 1984 تم تعيين المدرب خليل الزياني الذي حقق أول إنجاز آسيوي وقاد الأخضر إلى أولمبياد لوس أنجلوس، ولم يستمر الزياني بعد أن تم التعاقد مع البرازيلي كاندينو عام 1994.

يذكر أن الجوهر خضع لعملية قسطرة بالقلب العام الماضي بعد أن أحس بضيق في التنفس.