قليلاً ما أكتب مقالي الأسبوعي، وتمر بي ظروفٌ تستدعي إرجاءه. هذه الحال مرت بي نهاية هذا الأسبوع، وتوجَّب علي في وقتٍ قياسي أن أختار فكرةً أخرى.. جدلاً حاولت مراجعة المقال الذي جهزته بنفسي، دعوت الله أن يقنعني بما صاغه فكري، وخطه جهازي، أو أن يوفقني ربي ـ عاجلاً غير آجل ـ لفكرةٍ أكتب عنها. ضاع حق الأهل في نزهتهم الأسبوعية.. الحاسوب في البيت، و(الآي باد) الموجود بجانبي أفرغ بطاريته الأبناء ـ حماهم الله ـ ولا مناص من فكرةٍ جديدة.. الوجوه حولي ضاحكة ضحكات صفراوية!

زوجي: "نحن في عصر الحوار، لماذا الخوف من الأفكار؟" أجبتها: "يا سيدتي المرحلة حساسة، عندنا مخاوف وهمية، وقد يساء فهمي.. سامحيني، و(سكتي العيال)، لا تضيع الفكرة الجديدة، وافتحي جهاز تسجيل الجوال، نسجل حوارنا، ونفرغه بالكتابة بعد تحسينه" والدي: "اكتب مقالك عن الملحقين الدينيين في سفاراتنا السعودية.. لماذا هم هناك؟ رأيت بعض زملائي الذين صليت معهم الجمعة، والذين يدرسون في الخارج، قالوا لا نعرف الملحق الديني، ولا نحتاجه.. وكل دولةٍ عندها مشايخها".. أجبته يا محمد يا حبيبي: "قف عند حدودك.. وراقب (ساهر) لا يلتقطك.. وتذكر أن (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) أبي: "هل سنخرج مرةً أخرى للنزهة، أم نلوم السبب؟ "قلت سريعاً يا خديجة يا بنتي: "أرجوكِ.. إلا التعسف في استعمال الحق.. من حقك اللوم، ولكن الظروف لا تستدعي هذا (التبويز)، وتذكري أن الخير دائماً فيما اختاره الله".. بقية الصغار مستمرون في صخبهم.. وبقدرة قادر؛ وبسبب العودة السريعة للمنزل انقلب الصخب إلى بكاءٍ سرعته كذا وكذا (ديسبل)، الديسبل وحدة قياس سرعة الصوت.

عدنا أدراجنا إلى البيت.. ضاعت علينا جمعيتنا ويومنا الأسري، بحمد الله وصلنا.. "يا أولاد افتحوا الأنوار والمكيفات، دعوني وجهاز التسجيل أفرغ ما دار بيننا" ربي ساعدني.. (أف) الوقت يهرول.. لا بل يجري.. للأسف اللحاق به شبه مستحيل.. والصحيفة جهزت صفحة الرأي أو تكاد، (آه) لا بأس، فالعرب الأقحاح تقول: "على نفسها جنت براقش" مع الاعتذار مني لنفسي؛ لأن (براقش) اسم كلبة كانت لبيت من العرب في إحدى القرى الجبلية في المغرب العربي.

أخيراً.. (وبصدق) لا أدري هل هذه (الدراما) العائلية ستضيف لقرائي الكرام رأياً يفيدهم؟ أخاف أن تجعلهم المخاوف لا يهتمون بما حولهم ومن حولهم، أو أن تجعلهم يُقادون، ولا يَقودون، أو أن يلوموا الذين نحسب لخيالاتهم أكثر من الخيال.. أو يظنوا أن الحياة سجنٌ كبير. أتمنى أن يعلموا أن عصر خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ورعاه ـ عصر حرية الرأي والتفكير.. الفرصة للتحدث موجودة، الحماية فيه لكل عاقلٍ مستنير، معذرةً قرائي الكرام.. قد تبدو الأفكار متناثرة، وربما غير متناسقة.. لا تسيئوا الظن ـ إنها صدى من لا يملك إلا أن يشرككم معه في همٍ واحد هو؛ كيـف نرتـقي بأمتنا؟ كيف نعد الآخرين للرقي بهذا الوطن.. كيف وكيف؟ الجواب دعوا الأفكار تتلاقح.. علموا الناس أن الحوار طريقنا للسلامة، صدقوني بدون الحوار سنعود للخلف.. أرجوكم علموا من حولكم ممن تحبون ولا تحبون أن ولي الأمر أيده الله قال: "..إحياء النعرة القبلية واللعب على أوتار الصراع المذهبي، فضلاً عن تصنيف فئات المجتمع، وإطلاق نعوت ومسميات ما أنزل الله بها من سلطان، ناهيك عن استعلاء فئة على فئة أخرى في المجتمع، كلها أمور تناقض سماحة الإسلام وروحه ومضامينه".