في حالات نادرة يجد الجمهور الرياضي السعودي نفسه في حالة ترقب شديد وتوجس من مباراة للمنتخب الأول لكرة القدم، كما هو الحال بالنسبة لوضعية الأخضر في لقائه المرتقب أمام المنتخب التايلندي في بانكوك.

ما أوجد هذا التوجس في الوقت والتوقيت هو الظروف التي أحاطت بالمنتخب، سواء من حيث جلب الجهاز الفني واستقطاب المدرب الهولندي الشهير فرانك رايكارد ومساعديه, وكذا حالة استدعاء لاعبين وإعفاء آخرين, هذه الوضعية تسببت بحالة من عدم الاطمئنان ولا أقول عدم الثقة, فعدم الاستقرار على جهاز فني وعدم استقرار تشكيلة متناغمة ومتجانسة في الخطوط الأربعة, كل ذلك كمحصلة دفع شريحة لا يستهان بها وبرأيها إلى ما يمكن تسميته بـ(اليأس) من حالة الأخضر وعدم ترشيحه للمراحل المقبلة من تصفيات كأس العالم.

إن عاصفة بانكوك نرجو أن تمر دون زوابع ولا أضرار تعصف بحظوظ المنتخب, فكما يعرف عن سوء الأحوال الجوية الموسمية التي عادة تعصف بهذه المدينة الجميلة وتخلف وراءها كثيراً من الأضرار المادية والإنسانية, فالأمل يحدونا أن يتجمل اللاعبون السعوديون ويسعوا إلى التغلب أولاً على أنفسهم والحالة الرثة التي ظهروا عليها في لقاء إندونيسيا التجريبي, وأن يعوا أن المباراة تعنيهم أكثر من أي وقت مضى, وعدم الاتكال على خطط وتكتيكات جهنمية ينتظرونها من مدرب ما زال يجهل كثيراً عن الكرة السعودية ولاعبيها, وبالتالي فالأمر مرتبط أولاً وأخيراً بيد اللاعبين، وهذا ما عهدناه في المنتخبات الدولية الأخرى التي يجد اللاعبون أنفسهم الحلول داخل المستطيل الأخضر وعدم الاستكانة على ظروف ونحوها تهيئ لهم نتيجة المباراة.

في مثل هذه اللقاءات الحاسمة ينتهي دور المدرب إلى حد كبير الذي يتوقف عليه أشياء لا تتجاوز وضع التشكيل الأكثر جاهزية بدنية ونفسية, غير ذلك, فإن اللاعبين يصبحون هم البداية والنهاية في هذه المعركة الكروية المشروعة, ومتى وضع اللاعب نصب عينيه أن ميزانه في الملاعب يتوقف على هذه المباراة أو تلك فإن معدنه وحقيقة إمكاناته تصبح على المحك.

فهل اللاعب السعودي منهم؟ هذا ما سنراه في كل دقيقة من عمر المباراة في بانكوك.

ولكن ـ لا قدر الله ـ لو حدث ما لا نريد, فإن الإشكالية يجب أن لا تلقى كاملة على عاتق اللاعبين، وبالذات الذين تم استدعاؤهم أخيراً, وأن تتم إعادة النظر في الظروف كافة التي أوصلت المنتخب إلى مثل هذه الحالات من صعوبة السير قدماً في تصفيات أولية بعد أن كان يتجاوز نهائيات ويصل إلى كؤوس عالم متتالية، وكذا يحقق بطولات أممية وحضورا مذهلا فيها طيلة عقدين من الزمن, وأيضاً حضورا أولمبيا في لوس أنجلوس وأتلانتا، ثم نغيب غياباً محزناً عن أهم حدث رياضي كوني ألا وهو دورة الألعاب الأولمبية الصيفية، ونأمل أن يكون للأخضر الأولمبي السعودي حضور في لندن في صائفة العام المقبل.

حالة التلعثم التي باتت تعيشها الكرة السعودية تحتاج بصدق إلى جهد جبار وعمل متفان من الجميع دون استثناء, فمن غير المقبول أن تستمر الكرة السعودية في حالة ترقب لمباراة أو لمباراتين وتتوقف مسيرتها عليها, وإذا حدث ذلك لمنتخب سعودي، كان إلى وقت قريب علامة فارقة في الكرة الآسيوية, فماذا بقي لمنتخبات دول صغيرة وناشئة في عالم المنافسات الدولية؟!.

دعواتنا للمنتخب السعودي بالتوفيق وتجاوز لقائه المهم جدا أمام المنتخب التايلندي, وأن تكون هذه المباراة بداية تصحيح مساره لسنوات وسنوات.