قال لي: هل ترى كمية الرجال الكادحين بوجهي؟ أردف: المسألة لم تعد "راجعنا بكرة" أو "تعرف أحد هناك"، وهي الجملتان الأشهر بالدوائر الحكومية، المسألة تعدت ذلك لـ"توكل على الله" و"خذ نعناع"، الأولى تأتي كتطور تاريخي لـ"السستم عطلان" أما الأخيرة فتأتي كبدل ترميم يقدمها مجموعة من المحسوبين على جهاز ما، قلت له: جيد، لكن ما دخل ما تقول بهذه الكائنات الكادحة على سحنتك اللطيفة؟ أجاب: "آها" سأقول لك، سأنطلق من فلسفتي: أنا غير مهتم بما يحدث، إذن أنا أفكر. فعلاقات الأجهزة ومن يعمل بها، ومن يقول إنه يعمل بها وهو ليس كذلك، مع أفراد المجتمع وحزم النعناع التي تهدى منهم للآخرين، كل هذا لا يعنيني، ما أنا مشغول به هو الآتي: ألا يرتفع سعر النعناع وحسب. قلت له: ما هذه الأنانية يا رجل؟ ألا تفكر بغيرك، كلانا قد "يتنعنع" يوماً ما. أجاب: لعلمك أيها الرفيق فإن أحداً لا يعتذر مني بحزمة جرجير على الأقل حين أتعرض لعملية "لهط". ثم إني قلق من أن تشيع حكاية النعناع كعادة تسويقية، فتقوم الحرب الدعائية بين شركات اتصالاتنا مثلاً، أو أن يلقي أحدهم شائعة ما بأن النعناع سيختفي، فينقلب الأمر لمكائن "سنجر" بشكل آخر، فيصبح امتلاك نعناع كامتلاك أرض، وعلامة فارقة لمستوى الغنى والفقر، وستسمع: ما شاء الله أبومحمد عنده خير و.. نعناع، ثم تبدأ الأسواق السوداء بلعبتها بعد أن يحتكره من "يدوزن" السعر كما يريد، بعد أن كانت ربطتان بثلاثة ريالات، مما يجعلني متورطاً بفواتير لن ينفعني أحد بدفعها رأس كل شهر من أشهر "سنة النعناع". أفهمت الآن حجم القلق الذي يلتحفني كل ليلة منذ أن سمعت بالخبر؟ المهم، ادفع الحساب يبدو أن أموري المادية بدأت بالتلبك منذ الآن.