أم خماس، أم علاوي، أم سعيد، وبقية شلة مسلسل الفريج الإماراتي تحولن إلى علامات تجارية في الإمارات، إضافةً إلى أنها أصبحت جزءا من الهدايا التي يحرص السياح المتوجهون إلى دبي للعودة بها. شخصيات كارتونية، استطاع المبدع محمد سعيد حارب توظيفها لخدمة سيناريو محترف وتصميم ثلاثي الأبعاد يتألق في تطويره عاماً بعد عام.
محمد حارب لم يصنع هذا الإنجاز الذي تحول إلى جزء من الهوية الإماراتية الشعبية، لم يصنعه لأنه ثري أو أنه درس في الولايات المتحدة الأمريكية، بل لأنه وجد الدعم الكامل من حكومة الإمارات العربية المتحدة حين تقدم بطلب قرض تجاوز مليون درهم، والمحصلة أنه أعاد القرض بعد أن أنشأ مؤسسة إنتاج أصبحت الحكومة الإماراتية مساهمة فيها.
الإبداع يحتاج إلى بيئة، لكنه يحتاج إلى دعم كذلك. في مسلسل الفريج، هناك شخصيات كارتونية، لكنها لا تسخر بعقل الطفل أو تستخف به. وهو مسلسل يستطيع الجميع مشاهدته كباراً وصغاراً.
هناك طاقات شبابية سعودية استطاعت “تنظيف” اليوتيوب من العبارات الشهيرة مثل “عاجل..فضيحة” وغيرها، وجعلوه ملاذاً لمن أراد الابتسامة حين رضوا بالواقع المرير والمعاناة في عدم وجود سينما أو عدم وجود دعم مالي لمواهبهم، فقاموا بصناعة سينما خاصة بهم كانت نتيجتها أن الجميع الآن أصبح يخطب ودهم.
يزيد الحارثي، هناء حجار، عبدالله جابر، عبدالعزيز المزيني، خالد أحمد، وآخرون، لا تتسع المساحة لذكرهم، كلهم رسامو كاريكاتير يستخدمون التقنية الحديثة في رسوماتهم، وبعضهم قام بإنتاج مقاطع كارتونية على شبكة الإنترنت. لكن بكل تأكيد، بسبب البيروقراطية، لو طلب أحد منهم قرضا من وزارة الثقافة والإعلام لإنتاج مسلسل كارتوني سعودي، سيطلب منه دراسة جدوى في أفضل الأحوال، وفي أسوأ الأحوال، إن لم تكن أكثرها شهرة، سيقال له “النظام ما يسمح”!
لا يوجد لدينا شخصية كارتونية يعرفها الأطفال الآن، شخصية تحمل جزءا من التراث السعودي. لا يتذكر الجيل الناشئ مسلسلا كارتونيا سعوديا أصلاً. كل الطاقات موجودة، والأموال موجودة، لكن للأسف “النظام ما يسمح”!