أجبرت السيول الجارفة التي اجتاحت محافظة جدة أول من أمس، جراء هطول كميات كبيرة من مياه الأمطار، الصحفيين على "تحويل الشقق السكنية للمواطنين والمقيمين"، إلى"غرف أخبار" موازية لغرف الأخبار المجهزة بتقنيات الاتصال المتقدمة بالمؤسسات الصحفية.

الزملاء الصحفيون كغيرهم من الناس "احتجزوا وعلقوا" خاصة بين الأحياء السكنية التي لم تعد مأوى "للمتضررين والعالقين"، من أزمة انقطاع الطرق للوصول لذويهم، بل تحولت "لغرف إرسال القصص والتقارير والصور الصحفية" لصحفهم ومسؤوليهم المباشرين في متابعة تغطية تطورات أحداث السيول، عدد من الأسر التي استضافت عددا من الصحفيين أجابوا بأن ذلك "واجبهم ولا نفرق بين صحفيين وغير صحفيين، المهم أن نقوم بتأدية واجبنا". وفسر المقيم السوداني بحي الشرفية الذي تضرر كثيرا من الأمطار وهو العم عثمان حاج في حديثه إلى "الوطن" أن استضافة الصحفيين جزء لا يتجزأ في مساعدتهم على عملهم، والقيام بواجبهم تجاه المقصرين من المسؤولين الحكوميين.

ولم يكن التحول على هذا المنعطف فقط، بل تحول هواة التصوير من الشباب إلى "دعم لوجستي" مساند للصحفيين العالقين الذين لم تتوفر لهم كاميرات التصوير الخاصة بهم، وباغتتهم الأحداث الدراماتيكية للسيول الجارفة.

الشاب عاشور باكرامة ساند مراسل صحفي لإحدى الوكالات الإخبارية الخارجية، باكرامة خريج إعلام منذ عام 2004 من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، إلا أنه يعمل باحثا بإحدى شركات الجدوى الاقتصادية، وهو من هواة التصوير، ويمتلك كاميرا تصوير احترافية اشتراها حديثا.

وأوضح باكرامة لـ"الوطن" أنه "رأى صحفيا محتجزا في سيارته، يدون ملاحظاته، ويسأل الشباب المصطفين على الأرصفة عن "نوعية الصور التي صوروها، وأنه بحاجة لعدد من الصور التي تظهر حجم المأساة والكارثة"، وقال: إنه جاء إلي وتعرفنا على بعضنا البعض، وبدأت علاقتنا من هنا، وانتقلنا من مكان لآخر وسط المياه المتجمعة، في محاولات جادة لالتقاط الصور من أكثر من زاوية حيوية، لقد مارست بالفعل عملا صحفيا من الألف إلى الياء".

من جانبه، طالب الخبير الإعلامي الدكتور مالك الأحمد بتأهيل شامل وخاص للصحفيين السعوديين خاصة في أوقات الكوارث والأزمات. مبينا أن أغلب العاملين بالصحافة خاصة الميدانيين من المتعاونين غير المتفرغين وانعكس ذلك على طبيعة التغطية التي تقوم بها الصحف.

وأكد على أهمية التأهيل للصحفيين ودفعهم نحو التفرغ. مشيرا إلى أن الكوارث تحتاج إلى جهد وتكلف وتعب، وهذا يتطلب تفرغا مجزيا وتطويرا مستمرا.