أكثر من علامة استفهام ترسم على التعاطي اللبناني مع الأزمة السورية. فاللبنانيون تاريخيا منقسمون بين مؤيد ومعارض للنظام، وهم كانوا محيدين الشعب السوري يستفيدون من يده العاملة الرخيصة في الأعمال الصعبة، من زراعة وبناء.
فجأة انقسم اللبنانيون سياسيا تجاه مسألة إنسانية، عنوانها اللاجئون السوريون في لبنان، وبات من كان محبا للسوريين كشعب، معاديا لهم، ومن كان معاديا للنظام محبا للاجئين، الذين ضاعت قضيتهم الإنسانية في غابة هذه الخلافات.
المسألة برمتها لا تستحق عناء أهل السياسة، فالشعبان اللبناني والسوري متداخلان، كما السياسة السورية - اللبنانية، ويكفي أن يرفع السياسيون اللبنانيون وصايتهم عن اللاجئين، أو النازحين، ليتكفل الأقارب بتقديم المأوى والملجأ والغذاء لمن أراد أن ينأى بنفسه، طوعا أو كراهية عما يحدث على الساحة السورية.
الانقسام السياسي اللبناني حول هذه المسألة لن ينصف اللاجئين، وسيبقيهم في عين العاصفة، وستحمل الأنباء الكثير من الممارسات بحق هؤلاء، وهي ستكون ممارسات سلبية كما حصل في الآونة الأخيرة، منها الخطف لنشطاء سوريين، في بيروت أو غيرها من المناطق اللبنانية، أو الاعتقال على أيدي السلطات اللبنانية لأفراد دخلوا البلاد بصورة غير شرعية، لتتكرر الاتهامات وتتبادل المواقف والمزايدات السياسية، ليس خدمة للنازحين أو المحتجين، وإنما لتحقيق مكاسب سياسية لهذا الطرف اللبناني أو ذاك.
اتركوا النازحين بحالهم، فهم يعرفون أن في لبنان من سيهتم بهم من قبيل رد الجميل، لما قدمه السوريون للبنانيين في حرب يوليو 2006.