في بحر أسبوع فقط، أسعدنا السد القطري والترجي التونسي بلقبين قاريين عن آسيا وأفريقيا على التوالي، وكلاهما وصل بطولة أندية العالم في اليابان إلى جانب فرق عريقة مثل برشلونة الإسباني وسانتوس البرازيلي، وهذه قيمة الفوز للفريقين الكبيرين، وإلا فالفوز باللقب القاري قد حصلا عليه من قبل ومنذ سنوات.
ورحلة الظفر باللقب للناديين الشقيقين لم تكن مفروشة بالورود كما يظن البعض، بل تخطيا كثيراً من العقبات والصعاب حتى تسنى لهما الوصول إلى نهائي القارتين، ومن ثم تحقيق اللقب.
الفريق القطري حسمها أمام البطل الكوري الجنوبي القوي شونبوك، بينما حقق الترجي لقبه الجديد على حساب الوداد البيضاوي المغربي.
هاتان المحطتان الكرويتان العربيتان أفرحتا الملايين من المحيط إلى الخليج، فأقل ما تعبر عنه هذه القفزة الإنجازية الكروية العربية أنها ملمح لتعافي مأمول للكرة العربية التي شهدت في العشرية الأخيرة تراجعاً مخيفاً على مستوى الأندية والمنتخبات لصالح أندية ومنتخبات شرق آسيا وكذا أندية ومنتخبات أفريقيا، ومن هنا تبرز قيمة الانتصار العربي المزدوج ولله الحمد.
وكم هي محتاجة الكرة العربية إلى مثل هذا (الأوكسجين) الضروري، وفي التوقيت المناسب جداً، أيضاً أتى اللقبان المميزان كدافع للأندية والمنتخبات العربية لتصحو من سباتها الذي طال أمده، وتصحيح ومعالجة طيبة لتلك الكبوات المخيفة في كرتنا العربية، لذا جاء الانتصار للسد والترجي بطعم الانتصارات القومية العربية التي باتت نادرة على كافة الصعد.
ولئن كان الحظ حالف السد ليواصل مسيرة الحصول على اللقب بقرار قانوني صحيح لا يقلل البتة من قدر ومكانة اللقب المهم الذي دخل خزائن الزعيم السداوي عن جدارة واستحقاق، فإن الترجي التونسي سار خطوات صعبة وثقيلة بيد أن الجهاز الفني والإداري ومن قبله كوكبة اللاعبين المتميزين استشعروا المسؤولية كاملة ومنحوا المنافسة الاهتمام والجدية المطلوبة لمثل هذا المستوى من المنافسات القارية التي لا تحتمل التعويض في مشوارها التنافسي، بالتالي كانت الثمار جيدة ومفرحة وسارة جداً لكل مشجع كروي تونسي، ومن ورائهم جماهير الكرة العربية بالمشرق والمغرب، فالفرح الرياضي أصبح يتواصل بسرعة البرق بفعل وسائل الإعلام الرقمية والفضائيات المسهبة في متابعة الأحداث الرياضية العربية والقارية والدولية، ما جعل كل منجز رياضي عربي يصل إلى عين وأذن المتابع الرياضي العربي لحظة بلحظة، وهو ما يزيد من شعبية الفرق ذات الحضور البطولي في هذا الزمن الإلكتروني المذهل، وأرجو أن لا يصل أي تأويل من هذا الإطراء للترجي على أن لقب السد أقل منه بشيء من الأشياء، وإنما كلا اللقبين الكرويين يحملان اسم الكرة العربية قبل أي شيء آخر، فضلا عن أن هذين الفريقين يتمتعان بمتابعة جماهيرية خارج بلدانها لكونها تستحق ذلك بكل تأكيد.
ما نرجوه جميعا للفريقين هو أن يقدما العروض الطيبة في بطولة أندية العالم المقبلة بطوكيو، ونتمنى لو اقترنت المستويات بالنتائج، لكننا نعلم صعوبة المنافسة وهما يقابلان فرقاً كروية قوية جداً تتمتع بباع طويل في عالم الكرة منذ أكثر من قرن مضى، فضلاً عن الفوارق في الإمكانات التي تقف مع تلك الفرق بدرجة كبيرة إلا أن المؤكد أن الفوز ليس مستحيلاً في قاموس اللعبة، وما عليهما سوى الاستعداد الطيب الذي يواكب بطولة بمكانتها وقوتها وأهميتها.