على الرغم من أن إشعار القادمين إلى مطار الملك خالد الدولي بالعاصمة الرياض بوجود معرض دولي للكتاب يقام هذه الأيام في جنباتها، اقتصر على لوحة صغيرة لا تتجاوز متراً ونصف المتر، فإن الزائر الذي سيقصد أي مكان إيواء بالقرب من طريق الملك عبدالله، سيشعر لا محالة بأن هناك أمراً ما يحدث في الجوار.

فبعد أن كان يستقبلك العامل البسيط في أي مجمع شقق مفروشة بالابتسامة والمبادرة بالسؤال عن أي خدمة، لا يدعك هذه الأيام تكمل السؤال عن مجرد غرفة صغيرة حتى يجيب "مليان.. مليان.. ما فيه غرفة فاضي".

الحقيقة المرة أن هذا العامل البسيط مثل "محمد حسين" الذي تجادلت معه أمس حول إمكانية حصولي على غرفة صغيرة في أحد المجمعات السكنية القريبة من المعرض، لا يعرف لماذا زاد الباحثون عن سكن في المجمع الذي يعمل فيه، فهو لم يجب عندما سألته عن السبب في عدم شغور أي غرفة؟ بل رد "ناس كثير يجي"، مع أن المعرض لا يبعد عن المكان سوى 500 متر على الأكثر. وبالمحصلة لم أستطع الحصول على أي سكن قريب من المعرض.

ويؤكد مثقفون تبادلوا الحديث أمس - في موقع المعرض عن البعد الاقتصادي لصناعة الكتاب - أن المعرض يحتاج إلى رؤية اقتصادية أشمل من كونه مكاناً لبيع وشراء أحدث الإصدارات، حيث لا يمكن إغفال البعد الاقتصادي للخدمات المساندة كالإسكان والنقل وغيرها من الخدمات التي يحتاجها القادمون للمعرض من داخل المملكة وخارجها. ويبدو أن معرض الرياض للكتاب أصبح موسما للعقاريين في محيطه - دون دعاية أو تخطيط مسبق لجذب الزبائن - كما هو موسم لصناعة النشر العربية التي يوصف من يعمل فيها بـ"الغلبان" (أي المسكين كما جرى المعنى في العامية) في المجتمعات التي ترى بعض الإحصائيات التي تصدرها المؤسسات الثقافية أنها "مجتمعات لا تقرأ".

وكان وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة انتقد تلك النظرة المحلية للقارئ في كلمته بافتتاح المعرض أول من أمس عندما قال "أنا جد مستبشر بحالة القراءة بين أبنائنا وبناتنا من الشباب والشابات، ونمو الوعي بينهم، فهم يقرؤون كما لم نقرأ، ويفكرون كما لم نفكر.. نعم، قد لا يقرؤون ما نقرأ، ولا يفكرون كما نفكر، ولكنهم يقرؤون ويفكرون، ويتخذون من الوسائط الحديثة ما يؤسس في أذهانهم وعياً جديداً".

يذكر أن مبيعات معرض الرياض الدولي للكتاب في العام المنصرم قدرت بحوالي 30 مليون ريال، وزاره أكثر من ميلوني زائر من داخل المملكة وخارجها.