وفي المسافة من الزمن، ما بين كارثة بنات مكة وبراعم جدة، يقبع عقد من الزمن ولكن هذه السنين العشر تبرهن أن درسا واحدا من المأساة لم يدخل حيز العقل. وإذا ما أراد سمو وزير التربية والتعليم أن يضعنا على الطريق الصحيح فليسمح لي أن أطلب منه أن يقارن ما بين الصورتين وسيجدها نسخة كربونية مكررة. حتى في التفاصيل وعناوين الأخبار ستكتشفون أن الصحف تكرر ذات التغطية. والذي قتل براعم جدة هو ذات العقل الذي قتل من قبل بنات مكة. بناتنا لا يذهبن إلى فصول آدمية بقدر ما يذهبن إلى غرف أشبه بخزانات المياه. حتى في الهندسة الإنشائية فنحن نخالف كل نواميس الكون حين نضع الشبابيك على ارتفاع مترين، تماما تحت سقف الغرفة. ومن المأساة بمكان أن تضطر – نون النسوة – في الكارثتين إلى ساعة لمحاولة كسر الأبواب وشبابيك الحديد. نحن نتعامل مع هذه – النون – وكأنها جريمة متنقلة ثم نبكي كالتماسيح في أعقاب الكارثة. وإذا كان حريق مكة قد أطاح بمؤسسات ورموز، فإننا لا ننتظر من سمو الأمير إلا مضاعفة القرارات السابقة. ننتظر من سموه أن يفكك وكالة الوزارة للتعليم الأهلي والخاص لأنهم شركاء فيما هو أكثر من الصورة المأساوية ولن أزيد حرفا حتى لا أدخل في مساءلة قانونية. هؤلاء الأشاوس لا يفرقون بين تصريح مدرسة خاصة وبين تصريح مسلخ للبلدية. وإذا ما أراد سمو وزير التربية أن يطلع على الحقائق المبكية فليأذن لي أن نقرأ ما قاله رئيس الدفاع المدني بجدة وهو يتحدث عن تقارير مفجعة لحالات عشرات المدارس ومن سيقرؤه سيظن أن سعادة – العميد – يتحدث عن مواصفات صوامع الغلال وأكياس النخالة. غدا نكمل.