لماذا تحضر سيدة ألمانية إلى جدة وتكتب عن تاريخها، كانت هذه العبارة مدخلاً لحديث شيق أدلت به الباحثة الألمانية في التاريخ العربي الدكتورة أوليركه فرايتاج في حفل تكريمها بإثنينية عبدالمقصود خوجة أول من أمس.

وعللت فرايتاج ذلك بأن حبها للتاريخ العربي جاء من خلال أستاذها الفلسطيني في جامعة برلين الحرة، وأن الكثير من الصدف دفعتها لدراسة تاريخ مدينة جدة. وقالت فرايتاج: قمت بدراسة تاريخ سورية من خلال منحة جامعية، فكرت بمشروعي لنيل الدكتوراه وصادف أن زرت اليمن في عام 1999 حين أعلنت في العام نفسه الوحدة الألمانية والوحدة اليمنية، ومن هناك بدأت بدراسة الحضارة اليمنية الجنوبية، وقد شدتني فكرة الهجرات الحضرمية التي كانت نموذجاً للتعايش السلمي بين الشعوب، ألفت في ذلك كتابين، ثم أدركت أن الحجاز ومدينة جدة على وجه الخصوص ستكون منجماً للمعلومات عن الحضارم، وحين جئت كنت أحمل فكرة تقليدية عن المملكة مثل معظم الغربيين وهي أنها أرض النفط والرمال، وحين قابلت بعض مثقفيها أدركت كم هي غنية بالتاريخ هذه الأرض، وساعد على بلورة رؤيتي هذه ما وجدته من مساعدة من مركز الملك فيصل للبحوث، ومن حكايات سامي نوار عن جدة، وأخيراً الدعوة التي تلقاها عدد من طلبة جامعة برلين الحرة من الأميرة لولوة الفيصل وجامعة عفت.

وكان حفل تكريم الدكتورة فرايتاج قد بدأ بكلمة ترحيبية من راعي الإثنينية عبدالمقصود خوجه أشار فيها إلى مكانة الباحثة وأهمية ما قدمته خاصة في كتابها "السعودية.. مملكة في تغير" ووصف خوجة كتابها بأنه على قدر من الأهمية لأنه يمثل أنموذجاً من الحيادية الأكاديمية يطرح الرأي والرأي الآخر بشفافية وعمق وموضوعية.

وتحدثت فرايتاج عن تاريخ مدينة جدة، ووصفته بأنه يتسم بالانفتاح والتسامح وهي ظاهرة موجودة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، كما أنها متوفرة في العالم الإسلامي أكثر مما هي عليه في الغرب، وإن فكرة التسامح لم تتوفر في الغرب إلا قبل 200 عام فقط، في حين أن التاريخ الإسلامي كرس هذا التسامح بين الأعراق والأديان.

وركزت فرايتاج على فكرة التعايش بين مختلف الأجناس والأعراق التي اتسم بها المجتمع في جدة، وإن بعض الأحداث التي ظهرت فيها نزعات معادية للآخر كانت بسبب التوترات السياسية بين أشراف مكة والعثمانيين، الذين كان كل منهم يلعب ورقة البدو حتى جاء وقت وقتل فيه عدد من المسيحيين في جدة، لكن الوقائع تثبت أن ذلك لم يكن بدوافع دينية.

وأضافت أن جدة تعرضت للكثير من الكوارث الطبيعية التي أزالت الكثير من معالمها التاريخية، وختمت أنا مسرورة لأن الحكومة السعودية بدأت تهتم بجدة التاريخية وتعمل على الحفاظ على منازلها ومعالمها التاريخية.