تذكر الوثائق المصورة أن سمو الأمير سلطان بن سلمان استقبل في رحلته الفضائية سؤال مراسل هيئة الإذاعة البريطانية عن رأيه في الاختطاف الدامي لطائرة غربية من مجموعة إرهابية شرق أوسطية في ذات توقيت رحلة ديسكفري الشهيرة. وبالطبع أدرك الأمير بطانة السؤال الداخلية التي كان هدفها إحراج مواطن شرق أوسطي يسبح في الفضاء في مكوك غربي. كان جوابه ملهماً واستثنائياً وهو يتمنى في تلك اللحظة لو أن أباطرة الحروب وسادة صراع الثقافات يشاهدون هذه الأرض من الفضاء ليدركوا أن (الكوكب الواحد) الصغير لا يحتمل كل هذا النزاع ولا يحتمل كل هذه الحروب والضغائن.
فرغت مساء البارحة من قراءة كتاب ـ الأمير الفضائي ـ وهو يدون بشكل أخاذ تفاصيل الرحلة، وأجزم أنه استلهم عنوان الكتاب من ثنايا جوابه الشهير للصحفي البريطاني. إنه (كوكب واحد) فماذا تبرهن تفاصيل التاريخ، منذ كتابته حتى اليوم عن هذا الكوكب؟ تبرهن أن آلاف الحروب العقدية أو المذهبية لم تستطع أن تلغي ديانة أو تصادر وجود مذهب، وعلى العكس تزداد الأديان والمذاهب قوة واتحاداً وصلابة كلما أحست أنها تقاوم قوة مضادة.
يبرهن (الكوكب الواحد) أن آلاف الحروب العرقية والإثنية لم تستطع أن تمحو من على ظهر هذا الكوكب عرقاً أو فصيلاً بشرياً، وعلى العكس تزداد الأقليات والأعراق تلاحماً ووجوداً حالما تنتهي من حرب مضادة هدفها التنظيف العرقي. غيرت الحربان العالميتان خريطة أوروبا وسحقتا ملايين البشر ولكن ما الذي حدث فيما بعد؟ لم ينته عقدان من الزمن بعد الحرب الكونية الثانية إلا وكانت كل الأعراق المستضعفة والمهزومة تعود إلى حدودها العرقية وأوطانها القومية.
حاول الاستعمار تغيير عادات وثقافات شعوب ثم اكتشف أن فكرة ـ الاستعمار ـ نفسها كانت أعظم جريمة تضاعفت معها دوافع الإصرار على العادة والثقافة.
كنت أقرأ كتاب الأمير وأقرأ معه بالموازاة ما لم يقله عن بدهيات ودروس تاريخ هذا الكوكب الواحد.