على غير العادة خلت الجلسة الأولى في منتدى جدة الاقتصادي أمس، من النقاشات، رغم أهمية عنوانها، "تأثير القوى العالمية" ، ومتحدثيها وفي مقدمتهم محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد الجاسر، في وقت كان يتحفز فيه الحاضرون للحوار حول جملة من أمور السياسة النقدية السعودية والتغيرات المالية والنقدية العالمية.

واستهل الجاسر كلمته بالتأكيد على أن حزمة القرارات التاريخية التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في الأيام الماضية ستغير مجرى التنمية الشاملة في المملكة خلال السنوات القليلة المقبلة.

وحين تعذر فتح الحوار لظروف الوقت ، خلت أيضاً ورقة عمل محافظ النقد السعودي، من التطرق إلى جديد السياسة النقدية السعودية وهيكلة الاقتصاد السعودي، غير أنه قال في كلمته إن "السعودية تستخدم فوائض الميزانية لتحقيق التنمية الاقتصادية، وعندما تتوفر الموارد المالية فإنها تعطي الفرصة لجعل الاقتصاد أقوى وأكثر متانة".

وذهب حديث الجاسر، إلى مجموعة العشرين التي تضم في عضويتها السعودية وتركيا، حيث أكد أنها ستكون ذات تأثير قوي في المستقبل وستقود إلى إصلاح متوقع للوضع الاقتصادي العالمي وتمسح آثار تداعيات الأزمة المالية العالمية، خصوصاً أنها تمثل ثلث سكان العالم ولا تخضع في نفوذها إلى دولة بعينها، وتملك إرادة جماعية وتؤثر بشكل كبير في القرارات الدولية.

وتطرق إلى الفرق بين الحكومة والتنظيم الحكومي، مشيراً إلى أن الأخيرة تعني الجهات التي يجري دعمها من الحكومة ولكنها لا تأخذ الصفة الرسمية، وأشار إلى أن التأثير الأحادي أو الثنائي قبل 30 سنة كان له تأثير سلبي على القوى الاقتصادية العالمية.

واسترجع الجاسر تغيرات الاقتصاد العالمي، فقال: في عام 1900 كانت أميركا هي أكبر اقتصاد عالمي وكانت هناك مؤسسات عالمية اقتصادية أنشئت في ذلك العهد للتعامل مع القضايا الاقتصادية، وكانت أنظمة العالم الثالث مغلقة ولا تسمح بالتحرر الاقتصادي، وحتى ظهرت فقاعات شركات الإنترنت، وبات من الممكن أن نفكر في أسباب كثيرة للاختلالات التي حدثت في مجموعة السبع، التي كان ينظر لها على أنها نادي الأغنياء.

وأضاف "لا أعتقد أن الاختلالات الموجودة في النظام العالمي، هي السبب الرئيسي في الأزمة الاقتصادية العالمية"، لكنه لم يحدد السبب، غير أنه أعاد طرح الحل الذي أذاعة في منتديات سابقة، والمتمثل في ضرورة وجود نظام متعدد الاتجاهات يضم الدولار واليورو والعملة الصينية التي تؤثر بشكل كبير في الاقتصاد العالمي.

واستعرض المتحدث الثاني في الجلسة كيتو دي بوير، المدير المسؤول بشركة مكنزي ، تغير الاقتصاديات مبينا أن الإنتاجية هي الشيء الوحيد الذي سيحسن الاقتصاد، مشيراً إلى أن أنماط التجارة والحركة التجارية تطورت كثيراً ونمت بصورة كبيرة مقارنة بالاقتصادات الكبرى، وكذلك في مجال براءات الاختراع والتكنولوجيا.

وأشار إلى أنه حتى عام 2030 سيزيد الطلب بصورة كبيرة على الغذاء بنسبة تصل إلى 48%، متناولاً الفروقات بين الأغنياء والفقراء وبين الذين يمتلكون والذين لا يمتلكون ، متوقعا أن يكون هنالك اختلالات في المستقبل.

وضمن الجلسة ذاتها، تحدث رئيس مجلس إدارة يو بي إس، كاسبر فليجر، متناولاً التغير الاقتصادي الكبير في العالم العربي والنمو المتسارع للنظام الاقتصادي والمالي في العالم مما نتج عنه خاسرون وكاسبون، مشيراً إلى آثار البطالة وزيادة الديون، التي ستولد كثيرا من الضغوط الانكماشية.

وقال في شأن منطقة اليورو: "لا أعتقد تفككها، متى ما بقيت على الحل الوحيد وهو الاتحاد النقدي أو اتحاد العملات"، لكنه عاد وقال إن مستقبل الاقتصاد للدول الكبرى يشكل علامات استفهام كبيرة.