مشهد المرأة المصرية العجوز التي تحمل على رأسها أسطوانة الغاز المنزلي، المثبت في الصفحة السادسة من هذا العدد، ربما يكون أفضل تعبير، عن المعاناة اليومية للمصريين، خلف الأسوار الوردية التي رسمتها ثورة الخامس والعشرين من يناير.

حتى الآن لم تقدم الثورة لأبنائها ما طمحوا إليه. كثرة كلام والمزيد من الفضائيات والصحف الورقية والمواقع الإلكترونية، تبث يوميا في الهواء وعلى صفحات الجرائد كمّا كبيرا من التصريحات والوعود.

لم تتحرك عجلة الاقتصاد بعد، لا بل الكثير من المؤسسات الخاصة قد أصابها الوهن الاقتصادي، فإما أنها أقفلت أبوابها، أو سرحت بعض موظفيها، فيما الوظائف الحكومية تنتظر الانتخابات البرلمانية ومن ثم الرئاسية، وقبلها لجنة صياغة الدستور.

منظر المرأة مستفز، لكل مشاهد، وهي تحمل ما يعجز عن حمله الرجال، طالما علمنا أن مواسير الغاز المنزلي غزت كل المدن، ولم تعد الأسطوانات إلا حكرا على الدول غير المنتجة لهذه المادة الحيوية، وإذا ما علمنا أيضا - وهنا المأساة- أن مصر تصدر الغاز إلى الخارج، وتحديدا إلى إسرائيل وبأبخس الأثمان، فيما مواطنوها ينتظرون هبات الجيش، ومساعداته.

لم تستطع الثورة، ولا هو مطلوب منها أن تجترح المعجزات الاقتصادية والسياسية دفعة واحدة، ولكن ما يهم المواطن العادي أن يشعر بالتغيير، وأن سنوات القهر التي مر بها سائرة إلى أفول، وأن ما ينتظره ممن قطفوا ثمار الثورة أن يشعروه بإنسانيته.