شاهدته في فيلم "رسالة في زجاجة" وهو يستجدي حبه لزوجته التي توفيت برمي عدة رسائل لها في البحر, ولأنه يحب البحر فقد غرق فيه محاولا إنقاذ عائلة منكوبة, وشاهدته أيضا في فيلم "رقصات مع الذئاب" وهو يحاول أن يجرد الهنود الحمر من آلام العزلة والتفرقة العنصرية والإبادة التي طالتهم على أيدي "الرجل الأبيض".. هو كيفن كوستنر نجم هوليوودي آخر يرغمك على مشاهدته لما يمتلك من الحس الإنساني الراقي.
ولأنه يحب البحر فقد استاء كثيرا عندما وقف على الكارثة التي حلت بخليج المكسيك التي كانت شركة "بريتيش بتروليوم" سببا فيها, لكنه لم يقف رأفة بالخليج بل قدم حلا يمكنه معالجة المشكلة, فقد طور آلة من شأنها تنظيف التسرب النفطي الهائل وذلك قبل أن يقدمه إلى الشركة, وأنفق عليه أكثر من 20 مليون دولارا!
الشركة لم تقتنع بفكرة الممثل الراقي, ولم تتحمس لها من الأساس ورفضت ذلك قبل أكثر من 3 أسابيع, ولكنها عادت بالأمس واختبرت الآلة وأصدرت بيانا أقرت فيه بنجاحها, بل وطلبت من كوستنر أن يوفر لهم 32 آلة أخرى.
لو أن المشكلة في عالمنا العربي وتقدم ممثل بهذا الحل فلن ينجح الأمر, الأمر ببساطة لأننا نجرد الناس من عقولهم, ونربطهم بمهنهم ومجالات حياتهم وندع "التخصص" هو الحكم!
في أمريكا, ربما يدرس طالب ما البكالوريوس في الزراعة ولكن يعود ليدرس الماجستر في الهندسة المعمارية وربما يشطح ويدرس الدكتوراه في هندسة الكمبيوتر, وهذا يثبت نظرية أن العلم ليس حكرا على أحد, فيجوز أن تشك لأن الشك طريقك للمعرفة.
أما كوستنر فقد ترك الكاميرا والتصوير والعمل في ردهات مدينته السينمائية, وذهب ليجد حلا لمشكلة ضرت بالبيئة واخترع آلة من شأنها أن تجعل مياه البحر خالية من النفط بنسبة 99% حسب نتائج الاختبارات التي أجرتها الشركة, وربما يقول البعض إنها ضربة حظ وربما يذهب البعض إلى أن هناك من ساعده في ذلك وهذا ليس مهما بقدر ما أن أهميته تنبع من أن كوستنر وغيره من الفنانين يعتبرون أنفسهم قدوة للمجتمع, فعندما تحدث أي كارثة تضر بالإنسان والبيئة يهرع النجوم والمشاهير هناك إلى مد يد العون بملايين الدولارات, وربما الفرق الذي ميز كوستنر عن زملائه هو أنه عوضا عن تقديم 20 مليون دولار لدعم الشركة في إيجاد حل, اخترع الحل بنفسه وقدمه لهم جاهزا على طبق من ذهب, ولأنهم فهموا رسالته, ردوا عليها بأدب وقبول واحترام!