منذ يومين نشرت إحدى الصحف الإلكترونية تقريرا عن رغبة مجموعة من الطبيبات المتخرجات للتو في إنشاء مستشفيات نسائية مجهزة بأحدث التقنيات الطبية تشغلها كوادر طبية نسائية، حقيقة وأنا أقرأ التقرير؛ قدرت حداثة سن وتجربة هؤلاء الخريجات وحقهن بهذه الرغبة، فهن يحملن "هم" الحصول على وظيفة، وإنشاء مثل هذا المشروع بحجة توفير خصوصية علاجية للمرأة السعودية سيخدم مصلحتهن الوظيفية حتما، بغض النظر إن كانت الفكرة ستحقق المصلحة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية للدولة،أم لا، و لكن ما استغربته أن هؤلاء الطبيبات المتخرجات حتما يعرفن ما تعانيه مستشفيات وزارة الصحة الموقرة من فقر التجهيزات والأسرّة وسوء الخدمات الصحية المقدمة.. أم أنهن تدربن في مستشفيات أخرى موجودة على كوكب المشتري مثلا! ولذلك فالمسألة فيما يبدو"وظيفة والسلام"! ولهذا تسخير ميزانيات هائلة لبناء مشروع نسائي وآخر "رجالي" من باب أولى أن تُصرف على تجهيز مستشفيات وزارة الصحة الحالية التي تعاني من تأخر التجهيزات الحديثة خاصة ببعض المناطق والمحافظات الصغيرة، بدلا من معاناة المرضى من السفر إلى المدن الرئيسة بحثا عن الدواء والعلاج!

من جهة أخرى أتخيل مريضة تذهب إلى أحد هذه المستشفيات في حالة حرجة فيما يقف زوجها في انتظارها خارج المستشفى على الرصيف.. مثل هذه المستشفيات حتما ستمنع دخول ذوي المريضات كونها نسائية! فبالله عليكم كيف سيؤثر مثل هذا الموقف نفسيا وإنسانيا على المريضة بل وعلى ذويها؟ ولهذا هي فاشلة من وجهة نظري! كما أن الكوادر النسائية ليست مؤهلة في جميع التخصصات الطبية، وإن وجدت فهي قليلة جدا، كالجراحة مثلا، فما هي هذه المستشفيات التي نصرف عليها ملايين الملايين بتخصصات متواضعة! وهنا بكل صراحة يجب أن يتم التفكير الجاد في الاهتمام بمشاريع تطويرالبحث العلمي والطبي والتقني، فنحن بحاجة ماسة لبناء مراكز بحث علمي متطورة وبتقنيات حديثة، إنه الاستثمار الحقيقي الذي تتنافس فيه الدول اليوم وغدا، وبدلا من صرف ميزانيات في مثل المشاريع التي تُعزز من عزل المجتمع النسائي عن الآخر الرجالي دون وجود منطق مقبول لذلك؛ يجب أن تُصرف على البحث العلمي، وربما الآن هناك من يقول إن من حق المرأة أن تأخذ راحتها عند طبيبة تفحصها! وهذا الكلام الساذج يُرد عليه بسؤال: هل هي الآن لا تتمتع بهذه الخصوصية في المستشفيات التي يعمل بها الجنسان حكومية كانت أو خاصة؟! إنها تستطيع اختيار من يعالجها؛ إلا في التخصصات التي لا توجد بها كوادر نسائية.

وإن كان السؤال الأهم اليوم قبل نوع الجنس: من الأكثر مهارة في ظل تكاثر الأخطاء الطبية التي نعيشها!

ألم أقل لكم وكأننا في كوكب المشتري.. الله المستعان.