بعيدا عن الرؤية الاستشراقية، ينتقد الكاتب الإسباني خوان جويتيسولو المسلسلات التلفزيونية المصرية متهما إياها بتخدير "ذكاء وحساسية الشعوب العربية"، وتغذية خيال الفقراء والمتسولين في القاهرة بالحلم بحياة أفضل حين يشاهدون الشقق الواسعة والفراش الوثير.

وفي جولته ببعض الأحياء الشعبية في القاهرة الفاطمية حيث تنتشر ورش صناعة الأثاث يكتشف تكرار النموذج الاستهلاكي لشكل قطع الأثاث وهي "تلفزيونية من الدرجة الأولى"، ولكنها تلبي حاجة نفسية لدى قطاع كبير من "المستفيدين من الانفتاح الاقتصادي في عهد الرئيس الأسبق أنور السادت".

ويصف جويتيسولو مدينة القاهرة في كتابه "مقاربات لجاودي في كبادوكيا" بأنها مفرطة وقاسية رثة ورائعة "تنحل كي تعلو" ثم يعود إلى ما يسميه تشخيص حال المدينة سياسيا كما سجله الرحالة المغربي شمس الدين محمد بن عبدالله الطنجي المعروف بابن بطوطة قبل نحو 700 عام إذ قال "يستبد العسكر والشعب يئن تحت وطأة الحكم ولا يهتم الأقوياء بذلك والعجلة تدور".

ويعلق جويتيسولو متسائلا.. أيوجد شكل أفضل لتلخيص تاريخ المدينة في الخمسين سنة الأخيرة؟.

وكبادوكيا في عنوان الكتاب هي منطقة في تركيا أما جاودي فهو معماري إسباني (1852- 1926) والترجمة العربية للكتاب صدرت في 165 صفحة كبيرة القطع عن المركز القومي للترجمة بالقاهرة. وترجمت الكتاب أستاذة الأدب الإسباني بجامعة حلوان هيام عباس محمد. وصدرت الترجمة بمناسبة زيارة جويتيسولو للقاهرة، حيث تحدث مساء أمس في ندوة بالمجلس الأعلى للثقافة بالتعاون مع السفارة الإسبانية في القـاهرة ضمن احتفالات المركز الثقـافي الإسباني (معهد سربانتيس) بمـرور 20 عاما على تأسيسه. ويضم الكتاب مقالات يسعى فيها المؤلف إلى الاقتراب من فضاءات حضارية وتقاليد ومشاهد تراثية وفنية إسلامية.

ويحظى جويتيسولو الذي يعيش في مدينة مراكش المغربية باحترام الأوساط الثقافية العالمية والعربية بسبب مواقفه المناهضة للدكتاتوريات منذ عارض نظام الجنرال فرانكو في إسبانيا، وأعلن العام الماضي رفضه جائزة القذافي العالمية للآداب في دورتها الأولى 2010 قبل الإعلان عن منحها له.