أعرب 14 عضوا في مجلس الأمن الدولي في 20 ديسمبر عن وقوفهم ضد قيام إسرائيل بتوسيع المستوطنات في القدس، وضد العنف اليهودي الإرهابي ضد المساجد العربية في إسرائيل والمناطق المحتلة. كانت الجلسة بعيدة كل البعد عن أن تكون جلسة روتينية لمجلس الأمن بحسب رئيس المجلس الحالي، السفير فيتالي تشوركين، ممثل روسيا في الأمم المتحدة.
الحقيقة هي أنه لا توجد مفاوضات سلام، وجميع أعضاء مجلس الأمن باستثناء الولايات المتحدة عبروا عن إحباطهم حول الطريق المسدود في الطريق نحو السلام بسبب ممارسات إسرائيل، ووقوف الولايات المتحدة ضد المطالبات الفلسطينية لمجلس الأمن بمنع المستوطنات، وفيما بعد اعتراضهم أيضا على السماح بقبول فلسطين كدولة عضو في الأمم المتحدة. هذا الدفق من التصريحات المباشرة حول إسرائيل من جميع الكتل الدولية كان "تطورا جديدا تماما"، حسب قول السيد فيتالي تشوركين من خلال قراءته للتاريخ الحديث لمداولات المجلس.
أعياد الميلاد ليست تاريخيا لما يسميه الأمريكيون "موسما للفرح" بالنسبة للفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي. السنوات أدت إلى تراكم المرارة بسبب صمت الدول الغربية حيال الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين. في 27 ديسمبر 2008، فيما كان أوباما يستعد لأداء القسم كرئيس للولايات المتحدة، ارتكبت إسرائيل مجزرة في غزة أدت إلى مقتل وإصابة آلاف الفلسطينيين، بما في ذلك مئات الأطفال، إسرائيل أطلقت اسم "عملية الرصاص المصبوب" على الهجمات ولم تفعل الولايات المتحدة شيئا سوى أنها أعطت لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها من خلال حرب استباقية. الرد من مجلس الأمن الدولي كان ضعيفا. وفي يوم عيد الميلاد في 2001، تحت ولاية الرئيس جورج بوش، طبق الإسرائيليون حصارا عسكريا حول رام الله لعزل ياسر عرفات ومنعه من حضور احتفالات عيد الميلاد التقليدية في مكان ولادة المسيح في بيت لحم في الضفة الغربية. كان الأمر يتجاوز كونه رمزيا لعزل عرفات، بل كان مقدمة للهجوم على الضفة الغربية في 2002 في "عملية الدرع الدفاعي"، أكبر عمليات عسكرية إسرائيلية منذ حرب 1967 بين العرب وإسرائيل. مرة أخرى في 2002، دعمت الولايات المتحدة الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
هناك تغييرات على قدم وساق. باستخدام الفيتو الأخير ضد مشروع القرار الأمريكي- البريطاني- الفرنسي ضد سورية، روح الإذعان من المجتمع الدولي التي راهنت عليها الولايات المتحدة منذ 11 سبتمبر 2001 انتهى مفعولها. مع تأكيد الولايات المتحدة على أنها ستعمل على تغيير أي نظام "ينتهك حقوق الإنسان"، وإلغاء الحقوق الدستورية لمواطنيها، وتبني سياسة قتل فوق القانون شبيهة بتلك التي تطبقها إسرائيل، بدأ المجتمع الدولي يفقد ثقته بالولايات المتحدة، والرئيس أوباما الذي وعد بالكثير لم يقدم شيئا من العدالة للفلسطينيين، وترك نواة بذرة عدم الاستقرار والظلم في الشرق الأوسط في مكانها، مما يساعد على خلق جيل جديد من العرب الذين يلجؤون إلى الإرهاب بسبب يأسهم من نفاق العمل السياسي.
جذور لحظة التوتر هذه وصفها السفير الروسي فيتالي تشوركين في 20 ديسمبر. لم يكن وحده. جميع الكتل الرئيسية من دول العالم: دول عدم الانحياز كتلة الدول الناشئة بقيادة الهند، البرازيل وجنوب أفريقيا، وحتى الاتحاد الأوروبي تحدثوا بصراحة للتعبير عن إحباطهم بسبب عناد إسرائيل والولايات المتحدة.
السفير تشوركين حذر بصفته سفيرا لروسيا من أن استمرار توسيع المستوطنات الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية التي تخالف جميع القوانين الدولية وضع حل الدولتين في موضع الشك. وأكد تشوركين أن الفلسطينيين اتخذوا قرارا شجاعا بالتخلي عن العنف وتوجهوا إلى مجلس الأمن من أجل قضية المستوطنات، لكن الأمريكيين استخدموا الفيتو ضد مشروع قرار يدين المستوطنات اليهودية التي تبنى على أراض فلسطينية، وكذلك انتقد تشوركين رفض "بعض أعضاء مجلس الأمن" دعم الطلب الفلسطيني للانضمام إلى الأمم المتحدة، وبدلا من دعم الحقوق الفلسطينية المشروعة من خلال مسار سياسي، "نرى ضغطا على الفلسطينيين، بما في ذلك تهديدات بوقف المساعدات المالية لهم".
تشوركين نبه أيضا إلى الحديث الإسرائيلي ذي الوجهين حول استئناف المفاوضات وقال إن "الدعوة إلى محادثات ثنائية دون شروط مسبقة قد يبدو طلبا عاديا، لكن الفلسطينيين لا يسيطرون على الضفة الغربية"، لذلك بدون مساعدة الرباعية ومجلس الأمن الدولي على طاولة المفاوضات "ما النتيجة التي يستطيعون أن يتوقعوها؟" ويضيف تشوركين أن هناك دعوات متلاحقة هذه الأيام، في إطار مختلف، بأن على مجلس الأمن أن يتصرف "فلماذا لا ينطبق هذا على المسار الإسرائيلي/ الفلسطيني؟".
إسرائيل قلقة. توقعت الانتقاد من روسيا، لكنها فوجئت أن الاتحاد الأوروبي أيضا، بلسان السفير البريطاني في الأمم المتحدة مارك ليال، صرح أن "أمن إسرائيل وإعطاء الحقوق الفلسطينية بإقامة دولة ليسا هدفين متناقضين، لكن لا يمكن تحقيقهما مع استمرار بناء المستوطنات وأعمال العنف من قبل المستوطنين".
وزارة الخارجية الإسرائيلية ردت مباشرة بأن الاتحاد الأوروبي يجب ألا يملي على إسرائيل ما يجب أن تفعله، خاصة وسط الفوضى المالية وعدم قدرة الاتحاد الأوروبي على التحكم بشؤونه الخاصة مع أزمة الديون التي تعاني منها اليونان ودول أخرى. وعندما صرح سفير جنوب أفريقيا في الأمم المتحدة أن بناء المستوطنات الإسرائيلية "هو العائق الرئيسي أمام حل الدولتين،" لم تتوقف جنوب أفريقيا عند ذلك، السفير سانجكو بين أن عنف المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين زاد بنسبة 50% عام 2010، وليست هناك جهود فعلية لوقف هذا العنف. هناك صمت في الولايات المتحدة عن الهجمات الإرهابية اليهودية ضد المؤسسات الفلسطينية العامة، بما في ذلك المساجد. هل هي بداية "نكبة" ثانية؟ المستوطنون الإرهابيون اليهود هاجموا حتى الجيش الإسرائيلي، مما جعل رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، يوري ساجوي، يقول عن المستوطنين الذين قاموا بأعمال شغب ضد الجنود الإسرائيليين "لو كنت هناك، وألقى الناس حجرا على رأسي وهددوا حياتي، لكنت أطلقت النار عليهم، يجب إطلاق النار على الإرهابيين".
هذه الأحداث مجرد لمحة عن التوترات الداخلية في إسرائيل، والأمر يتجاوز الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. العالم يقف على حافة الحرب لأن نتنياهو ووزير دفاعه يريدان خوض حرب ضد إيران الآن. إسرائيل لا تستطيع أن تنهي العمل ضد إيران دون مساعدة الولايات المتحدة؛ ونتنياهو وباراك ليسا متأكدين من "ضوء أخضر" أميركي، بسبب الاعتراض من الجيش الأميركي والمؤسسة الاستخباراتية؛ وهناك توترات متزايدة بين الولايات المتحدة وروسيا. هل تعرف إسرائيل الثمن الذي ستدفعه؟