يجد الكثير من المقيمين العرب الذين تحتضنهم المنطقة الشرقية كغيرها من مناطق المملكة, ما يربطهم "وجدانيا" بأوطانهم ويكسر حاجز "الحنين للوطن"، و"الاشتياق" له، عبر "وتر الحنين" الذي لعب عليه الكثير من أصحاب المطاعم والمحلات التجارية التي حملت أسماءً لآثار ومدن تنتمي لبلدانٍ عربية، لاجتذاب واستقطاب أبنائها ممن سكنهم الشوق للوطن والحنين لأي شيءٍ "من رائحته".
وتنتشر في الكثير من مدن وأحياء المنطقة الشرقية لافتات تحمل أسماءً مثل: "الأهرامات", و"برج القاهرة", "وحدائق الشام"، و"الخرطوم"، و"سواكن"، و"دمياط" و"حضرموت", يتوزع أغلبها على المطاعم، إلى جانب بعض المحلات التجارية الأخرى التي تحظى بإقبال كبير من مواطني الدول التي تنتمي لها هذه المسميات.
وفي وصفه لهذا الأمر خلال حديثه لـ"الوطن"، اعتبر حمدي زكريا (أحد أبناء الجالية المصرية)، من سكان مدينة الدمام، أن ذلك فرصة لاسترجاع الذكريات في بلده، واستحضار مواقف مبهجة، وقال "إن المحال والمطاعم ذات الأسماء المصرية, تجذبنا إليها باستخدامها تلك الأسماء التي نحن إليها، إلى جانب تقديمها لوجبات مصرية شهيرة مثل الفلافل والكشري".
ويتفق في ذات النقطة، المقيم السوداني خالد عبد الرحمن الذي يعمل محاسباً لدى إحدى الشركات في الدمام, والذي اعتبر إطلاق أسماء المدن العربية على المحال فكرة جيدة، وقال إن: "ذلك يشعرنا بنوع من الألفة, ويخفف من الحنين للوطن, وهي فكرة ذكية لاستقطاب الزبائن، بالرغم من أن تقديم الأكلات السودانية أو المصرية أو اليمنية لم يعد مقصوراً على مطاعم معينة".
بينما يرى أبو سلطان الذي يعمل بأحد المطاعم اليمنية، أن الاسم قد لا يساهم كثيرا في استقطاب أبناء الجالية التي يعود لموطنها ذلك الاسم، مشيراً إلى أهمية تقديم خدمة ممتازة، وإعداد الوجبات الغذائية بصورة جيدة؛ فأحيانا يبدع الآخرون في أكلات اشتهرت بها بلدان أخرى, مشيرا إلى أن التسمية بأثر ما أو مدينة ما هي إلا وسيلة وليس ضماناً للحصول على إعجاب الزبائن وجذبهم.
في حين قال المواطن أحمد الغامدي (صاحب مطعم في الدمام يحمل اسم مدينة عربية), إن: "إطلاق الاسم على المطعم كان نوعاً من الترويج والدعاية عبر شهرة المدينة التي حمل المطعم اسمها، وذلك نظراً لوجود عدد كبير من أبناء هذا البلد العربي الشقيق في الحي الذي يقع فيه المطعم".
ويضع الباحث في علم الأنثروبولوجيا أستاذ علم الاجتماع بجامعة سوهاج بمصر الدكتور حبشي مصطفى، المسألة في ميزان التحليل النفسي ويقول لـ"الوطن"، إن: "الفرد متى سافر وابتعد عن وطنه يشغله الحنين لوطنه، وتسيطر عليه الوحشة، ويترقب ويتلمس ما يذكره بوطنه، وربما يجد المسافر الغائب عن وطنه، ضالته في مكانٍ أو أثرٍ، أو شخصٍ أو اسمٍ، أو غير ذلك، مما يربطه وجدانيا بوطنه".
وحول إطلاق مثل هذه الأسماء ودلالتها النفسية على المقيمين في الشرقية قال الدكتور حبشي، إن: "هذه الأماكن تكسر حاجز الحنين بداخل نفوس المغتربين، وتخفف كثيرا من لوعتهم واشتياقهم لبلدانهم"، مشيراً إلى وجود الكثير من المحلات التي تستخدم هذه الطريقة في العديد من البلدان التي زارها، قائلا إن في باريس مثلا مقاهٍ ومطاعم مسماة بأسماء شخصيات عربية شهيرة, وإن في القاهرة ينتشر العديد من المطاعم التي تقدم الوجبات الخليجية، وبنفس الطريقة ذاتها، عبر اللعب على وتر الحنين للوطن.