أسس الياباني، أكيو موريتا، عام 1946 شركة (طوكيو التقنية للاتصالات عن بعد، Tokyo Tsushin Kogyo K.K، ونجحت هذه الشركة خلال فترة قصيرة. لكن نجاحها الحقيقي كان في مطلع الخمسينات عندما دخلت في تحالف مع شركات دولية أثمرت عن إنتاج أول راديو محمول. دفع هذا النجاح موريتا ورفاقه؛ إلى التوسع والتفكير في اختيار اسم جديد وعصري للشركة. جذاب ويرسخ في الذاكرة. عُرضت على إدارة الشركة عدة أسماء. لكن في النهاية وقع اختيارهم على SONY. وسوني SONY مزيج من كلمتين. الأولى: الكلمة اللاتينية "Sonus"، الذي هو جذر الصوت. والثانية "سوني"، "Sonny"، وهو مصطلح عامي شائع بأميركا في الخمسينات، ويستعمل كأداة نداء بين الشبان. واجه هذا الاختيار مقاومة من شركاء الشركة الكبار كممول الشركة الرئيس، بنك (تي تي كي). فلم يعتد اليابانيون توظيف حروف رومانية في أسماء شركاتهم بدلا من استخراجها من الكانجي، الرموز الصينية المستخدمة في الكتابة باليابان وعدد من دول شرق آسيا. لكن موريتا دافع عن اختياره بإصرار كبير وعبر مفاوضات ماراثونية مع مناوئيه. كتب في أحد رسائله للمحتجين: "الاسم مفتاحنا للدخول لعقول وقلوب الأميركيين وغير الأميركيين. لا أحد يفتح لك بابك إذا لم يعرفك. ثق أننا سنخبرهم أننا يابانيون عندما ندخل منازلهم. لكن دعهم يفتحوا لنا الباب أولاً". وتحققت نبوءة موريتا بدخول منتجات (سوني) معظم المنازل في العالم من أميركا إلى أستراليا. وساهمت هذه المنتجات في رفع أسهم الصناعة التقنية اليابانية. سحر اسم (سوني) يكمن في هذا المزج بين كلمتين، والمعنى الدفين الذي يحمله، والموسيقى الذي يصدرها. سر دهشته يكمن في أنه بسيط ومبتكر.

تمتلك شركة سيسكو Cisco الشهيرة لأنظمة وشبكات الكمبيوتر، هي الأخرى اسما مبتكرا مشتقا من اسم المدينة التي ولدت فيها، سان فرانسيسكو San Francisco. فهو يحمل حروفها الخمسة الأخيرة. تقول ساندي لرنر، الشريك المؤسس، للشركة أنها وشريكها زوجها ليونارد بوساك كانا يبحثان "عن اسم غير مكرر، وسهل". فلم يجدا أفضل من اسم (سيسكو) المشتق من اسم مدينتيهما. هذا الاسم جعل مواطني سان فرانسيسكو يدعمون هذه الشركة الصغيرة ويفتحون لها جيوبهم وقلوبهم. يقول رجل الأعمال، إيان بلاكير، الذي دعم الشركة مبكرا قبل أن تقف على أقدامها: "أصابني الاسم في مقتل، أحب مدينتي وأحب من يحبها، من يحب مدينته سيخلص لها، ومن سيخلص لها سينجح. وهذا ما حدث".

الاسم أيضا وهب الصيدلي المغمور، كاليب برادهام الملايين. فرغم الانتشار الذي حققه (مشروب براد)، الذي ابتكره عام 1893 إلا أن انتشاره الكبير جاء بعد 1898 عندما أطلق عليه اسم (بيبسي كولا)، وهذا الاسم مشتق من أنزيم (الببسين) الهضمي، ومكسرات الكولا المستخدمة في مشروبه. اليوم (البيبسي) يعد أحد أشهر العلامات التجارية في العالم. ويتوفر في أكثر من 195 دولة في أنحاء المعمورة. إن برادهام لم يبدع في هذا المزج بين العناصر ليصنع مشروبا جديدا، بل خلط المفردات مع بعضها ونجح في صناعة اسم ذكي ولافت.

إن مفهوم الابتكار ليس مطلبا في الصناعة فحسب، بل في سائر حياتنا. الابتكار في اختيار أسلوب منفرد في التواصل مع من حولنا بحميمية، أو من خلال توظيفنا لأفكارنا بأسلوب غير نمطي لم يسبقنا إليه أحد. جميعنا يمتلك ذات الحروف، لكن القليل منا فقط بوسعه أن يجعل منها علامة فارقة وليست فارغة في وجداننا.

أعظم الأفكار لم تجئ من العدم، كانت عبارة عن أفكاراختلطت ببعضها فأنجبت أفكارا جديدة. ثمة دهشة هائلة تولد من رحم اللمسة التي نضفيها على الأشياء. أضيفوا لمساتكم على كل ما حولكم وستكتشفون أبعادا جديدة لم تشعروا بها من قبل. ستمنحكم وتهبكم سعادة ونجاحا غير مسبوقين. إن الهروب من التقليدية، عصيان جميل. يجب أن نكرسه في جل شؤون حياتنا؛ لنترك أثراً مختلفا.