• بين يديّ رواية ماريو بارغاس يوسا؛ "بانتاليون والزائرات"، وتحديداً أقف عند العبارة "أكرهك حتى الموت، لأنك لا تصغي إليّ!".. أغلق الرواية وأواصل الجلوس بجوار النافذة هذا الصباح. أتأمل ذرات الهواء وهي تسبح في خيوط الشمس التي تدلف إلى أرضية الغرفة، أرجع إلى التفكير في هذه الجملة "أكرهك حتى الموت، لأنك لا تصغي إلي!".

• أفتح التلفزيون، أديره على قناة العربية.. الصادق المهدي يقول؛ "الجهاد المدني هو الطريق إلى إسقاط النظام، الجهاد المدني بلا عنف"، أطفئه وأفتح السيد تويتر، تقع عيني على تغريدة للصديق محمد العباس؛ "ليتنا نقف عند حد الخلاف، فالذين لم يتعلموا تقاليد الاختلاف يصعدونه إلى حالة من الخصام والعدوانية"، أتصفح تغريدات أخرى، وأغلبها تدور حول الميزانية، وملتقى المثقفين الأخير، وبعثة المراقبين.. وغير ذلك. أكتب من ناحيتي تغريدة/ بيتاً لعبدالله البردوني: وهذا غبار الأرض آهات خُيّبٍ.. وهذا الحصى حبات دمعٍ مُجمّدِ!" كتبتها رداً على صديق يرثي لحال كوكبنا، ثم حذفتها لخطأٍ في التشكيل، وعدت لكتابتها مرة أخرى!

• تصل رسالة نصيّة على الجوال، كانت مقطعاً من قصيدة لـ فراس سليمان؛ "كان يجدر بي أن أقلع عن عادات الخروج، أن أبقى في ذاك الداخل المصنوع من رعبٍ مقوّى.. ضارياً أمام جمهورٍ من أمهاتٍ عجائز، جالساتٍ على كراسي من قشّ، لا يستطعن تصفيقاً لأنهن مشغولات بحياكة الصوف لي.. أنا ابنهنّ العاري أمامهن، الذي يرتجف في الخارج!". أرجع إلى الإنترنت، أقول في نفسي؛ ألله! ما هذا! يجب أن أفسح مكاناً لشيءٍ أبيض في هذا الصباح. أقرر سماع أغنية.. لا، الأفضل أن تكون معزوفة، موسيقى خالصة.. مثلاً؛ "للروح حديث" لنصير شمّة.

http://www.youtube.com/watch?v=yt4nTJpvmX0

• اعتذاري للقراء لو أزعجتهم بالحديث عن وقتي، لكني فكرت أن أسجّل هذه الخمس والأربعين دقيقة تقريباً، وأفكر لو أن كل واحدٍ منّا - نحن هذا الشعب - سجل مشاهداته وما يفعله لمدة ساعة في الصباحات الأولى من بدء هذا العام.. فأيّ نتيجةٍ ستكون، وأيّ صورةٍ نحن جميعاً محاطون بها، هل هي صورة حلوة ومتفائلة، أم ستكون صورةً مضطربة، متوترةً من توالي الأحداث؟

• شخصيّاً، وفي هذا الصباح الجديد في مفتتح عام 2012 وفيما أجده في كل اتجاه.. وكأنه أيضاً لا أحد يريد أن يصغي لأحد، وكأن الجميع يقولون بصوتٍ واحد "أكرهك حتى الموت، لأنك لا تصغي إليّ!".