الطريقة التي تصمم فيها دول العالم سياساتها الاقتصادية وتطبقها غير كافية عادة لمنع التعرض للأزمات الاقتصادية وتحقيق نمو عالمي متوازن ومستقر ومستدام. وقد أظهرت الأزمة المالية العالمية الأخيرة مدى تكامل وترابط الاقتصاد العالمي وتعقيد الاعتماد الاقتصادي والمالي المتبادل بين الدول. وقد نشرت مؤسسة "تشاتهام هاوس" في أبريل الحالي دراسة لتقييم الآثار الدولية التي تتركها القرارات الوطنية المحلية حتى قبل تطبيقها، ووضع جدول لقادة دول مجموعة الـ20 الاقتصادية لتحقيق حلول تعاونية للتحديات الاقتصادية العالمية.

تقول دراسة تشاتهام هاوس إن تجاهل آثار السياسة الاقتصادية الوطنية على الدول الأخرى سيشجع بشكل مؤكد على عدم الاستقرار الدولي ويزيد تعرض الاقتصادات الوطنية للصدمات ذات التأثير الكبير. وقد شهد العقدان الماضيان تأثير الزيادة في التكامل الدولي للأسواق والاقتصادات. ومع أن الأزمة المالية الأخيرة ولدت فترة غير مسبوقة من التعاون والتنسيق الدولي، إلا أنها كانت مدفوعة بظروف اقتصادية صعبة، لكن هذه الإجراءات كانت في أغلب الأحيان موقتة بطبيعتها. والتحدي حاليا هو تعزيز المفهوم القائل إن فوائد الاقتصاد العالمي المتكامل لا تأتي دون زيادة التعرض الوطني للصدمات، وإن من المصلحة الوطنية إدارة الضغوط ضمن إطار سياسة تعاون دولي.

لكن التعاون الدولي ليس مهمة سهلة، وعلى الدول أن ترى حوافز التعاون من جانبين رئيسيين: الجانب الأول هو الاستقرار المالي والاقتصادي العالمي، والجانب الثاني هو تحقيق الازدهار للجميع من خلال نمو "الكعكة الاقتصادية" العالمية.

إن على دول مجموعة الـ20 أن تستثمر في تعزيز القدرات التشخيصية الوطنية والدولية لتحقيق فهم أفضل لمدى قدرة التعاون على زيادة إمكانية تحقيق الأهداف الوطنية والدولية. إن العالم يحتاج إلى إطار قوي للتعاون الدولي، وعلى الرئاسة الفرنسية لمجموعة الـ20 أن تضع أسس هذا الإطار. بهذه الطريقة، تستطيع هذه المجموعة أن تكون المنتدى الذي يقود إطارا مستداما ومرنا للتعاون الدولي يسمح للدول بأن تقطف ثمار التعاون الاقتصادي الدولي.

توصيات لدول مجموعة الـ20:

1- دعم وتطوير عملية التقييم المتبادل لدول مجموعة الـ20، ودراسة الترابط المتبادل. على دول المجموعة الاستثمار في تقوية القدرات التشخيصية للوصول إلى فهم أفضل لمدى قدرة التعاون على تعزيز الأهداف الوطنية والدولية. على دول المجموعة أن تشكِّل مجموعة عمل من خبراء الدول الأعضاء لدراسة مدى ترابط الاقتصاد العالمي.

2- نشر التقييمات المسبقة للآثار التي تتركها السياسة المحلية على المستوى الدولي للمساعدة على تطوير فهم محلي ووطني أفضل وأوسع في هذا المجال.

3- ضبط نغمة التعاون من الأعلى. يجب أن يتم التعبير عن تركيز القادة على التعاون بشكل منتظم. قدرة قادة دول مجموعة الـ20 على المحافظة على التعاون الاقتصادي الدولي تعتمد على مدى فهم الشعوب لفوائد التعاون.

4- التأكيد على بيان هدف موحد لمجموعة الـ20. يجب توضيح أولويات دول المجموعة في رسالة صريحة تبيِّن هذه الأولويات.

5- المحافظة على زخم استراتيجي ومحاسبة على الالتزامات. على القادة إزاحة العوائق لفتح الطريق أمام تحقيق الالتزامات السابقة، وأن لا تمنعهم التفاصيل التقنية عن تحقيق هذه الالتزامات.

6- نشر خرائط طريق وطنية تبيّن كيفية عمل كل بلد على الوفاء بالالتزامات الدولية. على دول مجموعة الـ20 أن تحول الأهداف العامة التي تظهر في بيانها الختامي إلى التزامات محددة وتوضيح كيفية ارتباط هذه الأهداف المشتركة مع الأهداف الوطنية لكل دولة من الدول الأعضاء.

7- زيادة الشفافية لطريقة تناوب رئاسة مجموعة دول مجموعة الـ20. يجب على دول المجموعة أن تضع آلية واضحة وشفافة لكيفية تقرير تناوب رئاسة المجموعة. يمكن أن يكون هذا عبر الانتخاب بين الدول الأعضاء، الأمر الذي قد يُشجع الدول التي ترشح نفسها للرئاسة على وضع جدول أعمال تعاوني يلقى قبول وتأييد الدول الأخرى في المجموعة.

8- تطوير "تقارير قمة" منتظمة حول عمل دول مجموعة الـ20 لإظهار مدى تحقيق الالتزامات وتحسين الشفافية والمحاسبة.