في 23 يوليو 2007 أظهر التشخيص، الذي خضع له، جرانت أتشاتز، (الشيف) وصاحب مطعم "ألينيا" الشهير في شيكاغو، أنه مصاب بسرطان الفم، وأنه بلغ مرحلة متقدمة. وأوصى الطبيب الذي شخص حالته باستئصال لسانه، وجزء من فكه، قبل أن يخضع للعلاج الكيميائي والإشعاعي. وأشعره أن نسبة قضائه على المرض لا تتجاوز 50%.
خرج أتشاتز، الحائز على لقب الطاهي الواعد في أمريكا عام 2003، من عيادة الطبيب دون أن ينبس ببنت شفة تعبيرا عن رفضه "للعلاج المدمر" كما وصفه في مقابلة مع قناة (أي بي سي). يقول أتشاتز، المولود عام 1974: "لا يمكن أن أكون طاهيا دون لسان. كيف سأتذوق الطعام الذي أعده للزبائن. كيف سأتذوق طعم الحياة؟".
راجع طبيبا بعد آخر دون أن يجد حلا ينقذ لسانه. أدمن متابعة الصفحات الطبية. قبض بعد أسابيع قليلة من متابعته لها على تقرير نشرته صحيفة (شيكاغو تريبيون) عن مركز رائد في جامعة شيكاغو لعلاج السرطان. يستخدم أطباء هذا المركز علاجا كيمائيا وإشعاعيا لتقليص الورم قبل الجراحة، مما يجعل من الممكن الحفاظ على لسانه وحياته.
راجع أتشاتز الجامعة، وخضع للعلاج الفوري بعد أن أبدى الأطباء في البرنامج تفاؤلهم بشفائه. في 18 ديسمبر 2007 أعلن أتشاتز رسميا شفاءه من السرطان بمساعدة الأطباء فوكس، وبلير، وهارف من مركز جامعة شيكاغو لعلاج السرطان دون أن يخضع لجراحة جذرية في اللسان. انتصار أتشاتز على السرطان انعكس على معنوياته وأدائه في المطعم الشهير الذي يديره، ففاز في عام 2008 بلقب أفضل طهاة أمريكا، في الاستفتاء الذي تعده مؤسسة جيمس بيرد.
تبادرت إلى ذهني قصة انتصار أتشاتز على السرطان بعد أن اطلعت على تغريدة طالبة الطب في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، لجين عبدالله خوجة (23 عاما)، في تويتر، مطلع العام الجديد، التي جاء في نصها: "لله الحمد والمنة، أظهرت نتائج تشخيصي يوم السبت، آخر أيام 2011، إصابتي بسرطان اللسان. سأكون على ما يرام". واختتمت التغريدة بابتسامة رمزية. رغم حزني الكبير على ما أصاب طبيبة المستقبل، إلا أن ثقتي بالله كبيرة في شفائها، لاسيما أنها اكتشفته في مرحلة مبكرة حسب ما جاء في تغريداتها اللاحقة، وكذلك نظرا لروحها الملهمة، التي بدت من خلال تجاوبها مع دعوات متابعيها في تويتر. لا أعرف عن لجين أي شيء قبل إصابتها بالمرض سوى أنها تمنحني ومن يتابعها الكثير من السعادة عبر تغريداتها القصيرة. لكن بعد أن قرأت نبأ مرضها حرصت على أن أتواصل معها؛ لمواساتها والسؤال عن حالها. لكن هي من واستني، وطمأنتني عبر ابتساماتها التي ملأت رسالتها الجوابية. تقول لجين: "وفاة والدي وجدي واثنتين من صديقاتي جعلتني أكثر إيمانا وقربا إلى الله". وتشير إلى أن أصعب لحظة واجهتها هي كيفية إبلاغ زوجها الدكتور عمر روزي، وأمها سوزان عمر قطان، بإصابتها بالمرض. تقول: "أعرف أنهما يحبونني جدا، فكيف سأخبرهما؟".
وتصف وقفة زوجها معها قائلة: "رجل والرجال قليل". ومن فضل الله على لجين أنها تدرس الطب. فقد ساعدها تخصصها على اكتشاف مرضها مبكرا. فعندما لاحظت تغير لون الأنسجة في داخل فمها قامت بإجراء تشخيص عاجل. فقد جرحت في فمها قبل نحو 4 أشهر بسبب سن مكسور. ورغم أن الطبيب الذي أجرى لها الكشف الأولي طمأنها بأنه لا يمكن أن يتحول ما جرى لها إلى سرطان في فترة قصيرة إلا أنها راجعت البروفسور خالد النوري بعد معاناتها من آلام شديدة في أذنها اليسرى. وأظهر الكشف أن أذنها سليمة. لكن حرص الدكتور النوري على الكشف على لسانها. وحينها أخبرها أن هناك كتلة فيه. وبعد أسبوع أظهر كشف الرنين المغناطيسي وجود كتلة بقياس 2.8 في اللسان. حينها أُجري لها عملية تخدير كامل لأخذ جرعة ونامت في المستشفى. وبعدها بأيام ظهرت النتائج وتلقت خبر إصابتها بالمرض.
وسيتطلب علاج لجين استئصال جزء من اللسان، واستئصال الغدد اللمفاوية من الرقبة ثم علاج إشعاعي للسان والرقبة في حال انتشاره للرقبة. ولم تندم لجين على شيء طوال الأعوام الماضية بقدر ندمها لأنها لم تشكر الله على نعمة اللسان. إننا في زحمة انشغالنا ننسى أن نشكره سبحانه على نعمه الغفيرة. ونتذكر فقط مشاكلنا الصغيرة. سيارة نشتهيها أو ساعة نبتغيها. إن ابن آدم ضعيف للغاية. نفطة تحت لسانه قد تعكر مزاجه وتفسد يومه. بالشكر تدوم النعم.
نسأل الله الشفاء للجين، الصابرة والمحتسبة، متطلعين أن نحتفل قريبا بسلامتها، شاكرين نعمه وفضله، آملين ألا يبدد ألمها أملها. إن الأمل أعظم دواء. يقمع ويبدد أي داء.
اعتقد الأطباء أن احتمال انتصار سائق الدراجات، لانس أرمسترونج، على السرطان الذي عانى منه عام 1996 لا يتجاوز 2?. لكن في عام 1999 لم يفز أرمسترونج على السرطان فحسب، بل فاز بسباق فرنسا للدراجات. ينبغي أن نتعلق ببصيص الأمل مهما كان طفيفاً. الأمل منح النصر لأرمسترونج بالأمس، وسيمنحه اليوم للجين.