لا أعتقد أن هناك أي فائدة حقيقية من معظم البرامج الحوارية السياسية ـ في معظم القنوات العربية ـ التي تدور حول سورية سوى أنها قد تكون وسيلة للتسلية والضحك والأهم أنها أصبحت مادة دسمة لهواة نقل المقاطع "المثيرة" على شبكة الإنترنت. فمنذ أيام ـ على سبيل المثال ـ انتشر مقطع بثته قناة "المنار" اللبنانية للشيخ السوري محمد سعيد البوطي يؤكد فيه أنه يتمنى أنه كان "أصبعا" من أصابع زعيم "حزب الله" اللبناني حسن نصرالله، مع أن الحقيقة المعروفة أن "البوطي" و"نصرالله" لا يتحركان قيد أنملة إلا تحت رعاية وتوجيه أصابع الأسد ونجاد!

وفي الوقت نفسه، كان الجدل حول سورية فرصة جديدة للإعلامية اللبنانية نضال الأحمدية، للظهور للأضواء من جديد بعد أن خفتت الأضواء حول حربها الطويلة مع المطربة هيفاء وهبي، فكان الظهور هذه المرة عبر قناة الدنيا السورية (الأسدية)، من خلال نظرية جديدة "فكرية معقدة" تدل على عبقرية خارقة للعادة، وهي تحليل "المؤامرة الدولية" على سورية وعلى الأسد الذي قالت عنه (إنها لا تتصور سورية بدون الأسد). فالتحليل "السياسونضالي"، انطلق من فك رموز الدولار الأمريكي، الذي لم يبق منه خط أو رمز وطني أو تاريخي أمريكي، إلا وأصبح مفتاحا من مفاتيح "المؤامرة على سورية حسب النظرية "الأحمدية" ابتداء من النسر ذي الـ13 جناحا الحامل لـ13 سهما و13 غصن زيتون، إلى الهرم ذي الرأس المفصول. حتى وصلت (المفكرة/الشبيحة) نضال الأحمدية إلى نتيجة هي أن كل ذلك يرمز إلى السيطرة على العالم العربي من خلال احتلال سورية وإقصاء "الرفيق المناضل" بشار الأسد! وكأن الولايات المتحدة لم تؤسس إلا لأجل بشار!

المشكلة أن استغفال الناس بمثل هذه النظريات "الأحمدية"، لم يعد في إطار محاولة لفت الأنظار والبحث عن الأضواء فقط. بل تحول إلى أداة من أدوات "التشبيح الفضائي السوري" الذي يحاول ذر الرماد في العيون لصرفها عن أنهار الدماء التي تسيل يوميا تحت شعار مقاومة "الامبريالية والصهيونية"، مع أن الجميع يعلم أنه منذ أكثر من 40 عاما لم تطلق رصاصة واحدة لا على "الامبريالية" ولا على "الصهيونية"، بل كل الرصاص إلى صدور المواطنين البسطاء.