أن يصف مدرب منتخب كبير، هو بطل سابق لكأس العالم، وأعني به المنتخب الفرنسي ومدربه الحالي ريمون دومينيك لاعبي منتخب بلاده بأنهم أغبياء، فهذا يعني أن علاقة فرنسا بكأس العالم المقامة حالياً في جنوب أفريقيا انتهت.

ولا شك امتناع لاعبي المنتخب الفرنسي عن التدريب، وهو ما يمثل في عرفنا العربي عصيانا كبيرا، قد أطلق رصاصة الرحمة على المدرب المغلوب على أمره، الذي قام باستبعاد اللاعب أنيلكا، وإعادته إلى فرنسا.

القصة الفرنسية تؤكد أن ثقافة الغرب، وفكرهم الرياضي، واحترافيتهم العالية، ونظامهم وانضباطيتهم التي نتكلم عنها نحن العرب في مناسبة وفي غير مناسبة، هي أقرب إلى قصص وحكايات ألف ليلة وليلة، وأننا ـ ولله الحمد ـ أفضل حالاً من المشهد الفرنسي.

ربما يكون المدرب دومينيك محقاً في ردة فعله، لكن من الواضح أن الأمور للمنتخب الفرنسي ازدادت سوءاً بعد الخسارة المستحقة من المكسيك بهدفين نظيفين، وهي التي ساهمت وأشعلت نيران الغضب داخل المعسكر الفرنسي، لتنتهي بقرار ـ التمرد ـ على المدرب.

ولعل من الأخطاء التي وقع فيها الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، هو الإعلان عن مدرب جديد وبديل للمدرب الحالي دومينيك، والمنتخب في مهمة بحجم كأس العالم، وهذا التصرف أضعف موقف المدرب أمام اللاعبين، وساهم في ضياع هيبته وشخصيته.

أما محلياً، فإنه يؤسفني كثيراً ما أطالعه في بعض المقالات من هجوم يفسر على أنه نقد موضوعي، وهو في الأساس تطاول على شخصيات ووجوه اجتماعية رياضية، لها قيمتها وقامتها وتاريخها، دون أن نرى من يوقف هذا الصلف و"لعب العيال". لسنا في حاجة إلى العودة إلى صحافة "اضرب واهرب" التي أتتنا من السودان الشقيق، وتبنيناها، وطورناها، وتركها غيرنا، وانطلقوا إلى آفاق صحافة المعلومة والرأي، وما زال ربعنا يتمسكون بهذه الكتابات "النتنة" أكرمكم الله.

من المؤسف أننا الوحيدون ربما على مستوى العالم، وتحديداً في صحافتنا الرياضية، الذين ترتبط علاقاتنا، بعضنا ببعض ـ قوية أو فاترة ـ بمقياس الميول، وتحديد اللون، وإعلان الطاعة والولاء، فإن كنت "منهم" فأنت في حماية ما دمت تسير وفق أهوائهم، وإن كنت صاحب ميول أخرى، فعليك أن تتحمل ما يأتيك، وتستعد لفتح الملفات.

ومع أننا نعيش حمى كأس العالم، إلا أن قضية صنعها الإعلام بين الأهلي والهلال، وكان بطلها الدكتور علي الناقور، الذي لا أنكر عليه عضويته الشرفية الهلالية، فهذا حقه، ولكنني أنكر عليه وأحمّله مسؤولية كل كلمة، أو سطر، أو حوار جاء على لسانه وحمل إساءة للنادي الأهلي ورجالاته الكبار.

إن ذلك هو ما يجب أن يعرفه كل محرر، وكاتب، وصحيفة، وما يجب أن يعرفه الدكتور الناقور، فعلاقة الأهلي بالهلال هي علاقة أزلية، مبنية على احترام كل ناد للآخر، وفي تاريخهما الطويل لم يكن هناك ما يسيء لهذه العلاقة، أو يجرحها، أو يقفز على جدرانها الصلبة والسامقة.

وأرى أن على إدارتي الناديين الكبيرين أن تضع حداً لهذا العبث، وبتر مصدره، فنحن لم نتعود طوال عشرات السنين أن يكون الأهلي والهلال "سلّماً" يستخدمه كل من دلف إلى الرياضة للصعود من أسوارهما إلى عالم الشهرة المفقودة في عالمه المجهول.

لقد أخطأ الدكتور الناقور الطريق، ولا أعني بالطريق، تلك التي أوصلته إلى الهلال، ولكنني أقصد طريق حمى الإعلام، وتلك التصريحات والحوارات المنسوبة له، وهو يتبرّأ منها، ومع ذلك نراه متردداً في نفيها بالطرق الرسمية، وما لم يحدث ذلك سيبقى الناقور في مجلس الأهلي الشرفي شخصية غامضة جداً.

لذلك لم أستغرب أن يقرر كبير الأهلاويين، الأمير خالد بن عبدالله، إعادة "مليون الناقور"، في وقت تتمنى بعض الأندية ربع هذا المبلغ، ولكنها ـ رسالة ـ أراد بها رجل الأهلي الكبير، التأكيد على أن قيم ومبادئ ورسالة النادي الأهلي، أكبر وأهم من عشرات الملايين.