خلصت دراسة بقسم صحة البيئة في كلية العلوم الطبية التطبيقية بجامعة الدمام إلى أن حوالي 70% من مزارع الأحساء تخضع نخيلها للرش والعلاج بالمبيدات سنوياً، أي ما يعادل حوالي 16 ألف مزرعة. ورصدت الدراسة التي أجراها المعيد بالقسم محمد البو ورثان حوالي 50 اسما تجاريا لمبيدات استخدمت في مكافحة سوسة النخيل الحمراء بالأحساء، صنفت إلى 27 نوعا بناء على المواد الفعالة المكونة لتلك المبيدات، ومن ثم تم تقييمها وفقاً للمعايير الدولية التي تؤكد أن 24 مادة فعالة منها تصنف على أنها بين متوسطة وشديدة السمية.

ووفقا للتصنيف الدولي لمعايير الاستخدام حسب اتفاقية روتردام، وجدت الدراسة أن 16 مادة فعالة تصنف ضمن المبيدات المقيدة الاستخدام، أي لا تستخدم إلا تحت إشراف مختصين مدربين ومعتمدين لدى الجهات المعنية، إضافة إلى 13 مادة فعالة ممنوع استخدامها في دول الاتحاد الأوروبي، في حين أن تلك المبيدات يتم تداولها في الأسواق واستخدامها من قبل المزارعين بالأحساء دون قيود أو اشتراطات أو إشراف، إلى جانب عدم معرفة المزارعين بالمواد الفعالة للمبيدات المستخدمة ولا الإجراءات الوقائية والسلامة اللازمة معها، حسب الإستطلاع الذي أجرته الدراسة.

وأشارت الدراسة إلى أنه من خلال تقديراتها فقد استخدم حوالي 45 طنا من تلك المواد الفعالة منذ عام 1995م حتى عام 2008م في برنامج مكافحة سوسة النخيل بالأحساء، وأن هذا الاستخدام أدى إلى رفع الخطر البيئي المحتمل بنسب تجاوزت 100% في بعض السنوات قياساً على عام 1995م. ويتمثل هذا الخطر في تلوث الهواء والمياه الجوفية والتربة وبالتالي تأثيرها على الكائنات الحية وموت الأعداء الطبيعية للحشرة "اختلال في التوازن البيئي". وكشفت الدراسة عن أن المخاطر الصحية المحتملة زادت بنسبة 90% في بعض السنوات وتتمثل في الإصابة بأنواع من الربو والحساسية وبعض أنواع الأمراض السرطانية واختلال في الهرمونات والإنزيمات وأجهزة الخصوبة و تشوه الأجنة وغيرها، ويرفع من هذا الخطر المحتمل الأمية المنتشرة بين المزارعين وجهل الأغلبية بشروط السلامة.

ويؤكد من احتمالية هذه الأخطار ما كشفت عنه دراسة حديثة بجامعة الملك سعود أجراها الدكتور محمد حمزة السعيد والدكتور صالح بن عبدالله الدوسري عن وجود متبقيات للمبيدات ببعض التمور المحلية في أسواق مدينة الرياض تفوق الحدود المسموح بها دوليا.

من جانبه، ذكر الباحث محمد البوورثان أن سبب إجراء الدراسة هو تصاعد القلق في السنوات الأخيرة بين أفراد المجتمع الزراعي بواحة الأحساء تجاه الآثار السلبية المترتبة على الاستخدام المتزايد والمستمر للمبيدات الحشرية كإجراء علاجي ووقائي في برنامج مكافحة سوسة النخيل الحمراء منذ عام 1992م، خاصة في ظل الانتشار الواسع لإصابة النخيل بهذه الحشرة والتي تجاوز عددها 220 ألف نخلة مصابة حتى عام 2008.

وبين البوورثان أنه تم جمع البيانات والمعلومات المتاحة عن الإصابة بسوسة النخيل الحمراء وأنواع وكميات المبيدات المستخدمة من المراجع المتاحة والجهات الرسمية المعنية إلى جانب تصنيف المبيدات وفق المعايير البيئية والصحية الدولية وإجراء مسح ميداني لعينة من المزارع بالواحة ومن ثم تقدير الأخطار البيئية والصحية لاستخدام المبيدات, مشيرا إلى أنها تعتبر الدراسة الأولى من نوعها في المملكة.