وسط تصاعد المخاوف من تزايد انتشار بكتيريا "إي كولاي" التي اجتاحت مدناً أوروبية وأميركية والتي تسببت في وفاة 25 في أوروبا حتى الآن، وانتشرت في 13 بلدا أوروبيا وفي الولايات المتحدة وكندا، وصف نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الغذاء بالهيئة العامة للغذاء والدواء الدكتور إبراهيم المهيزع الوضع الغذائي في المملكة بالمطمئن، مؤكداً سلامة المنتجات الغذائية في المملكة من الإصابة بهذا النوع من البكتيريا، مشيراً إلى عدم تسجيل أية حالة وبائية في المملكة تختص ببكتيريا "إي كولاي"، خلال الفترة السابقة، مؤكداً اختصاص مركز الإنذار المبكر التابع للهيئة بمراقبة أية قضية غذائية على مستوى العالم لاتخاذ إجراءات عاجلة بشأنها.

وأوضح المهيزع خلال مؤتمر صحفي أمس بمقر الهيئة العامة للغذاء والدواء بالرياض، عدم اكتشاف مصدر البكتيريا حتى الآن، رغم الاشتباه بعدد من أنواع الخضراوات كالخيار الإسباني والفاصوليا المنبتة وغيرهما، التي لم يثبت حتى الآن تسببها في انتشار البكتيريا، مشيراً إلى أن الهيئة قامت بعدد من الإجراءات الاحترازية، ومنها حظر استيراد أنواع من المنتوجات الغذائية المعلبة، والتوصية بإيقاف استيراد الخضار من الدول المشتبه بانتشار البكتيريا فيها، مشيراً إلى أنها إجراءات احترازية مؤقتة، إلى حين تتكشف الأدلة القاطعة على سبب المشكلة.

وأشار المهيزع إلى أن بكتيريا "إي كولاي" تنتمي لمجموعة من الميكروبات التي يطلق عليها بكتيريا القولون، وتعود التسمية لوجودها بشكل طبيعي في القولون، مبيناً وجود 700 سلالة منها، ولفت إلى أن المرة الأولى التي اكتشف فيها تسبب "إي كولاي" في الأمراض كانت في عام 1993 بولايتي أوريجن وواشنطن في أميركا، نتيجة تناول وجبات "برجر" من أحد مطاعم الوجبات السريعة، مشيراً إلى أن أول اكتشاف للبكتيريا ارتبط باللحوم، خاصة المفروم منها.

وبين نائب رئيس هيئة الغذاء والدواء أن الحالات الأخرى التي ارتبطت بالميكروب كانت في الحليب غير المبستر والعصائر الطازجة غير المبسترة، مشيراً إلى إمكانية انتقال البكتيريا عبر الأرض الملوثة بالسماد الحيواني، أو مياه الري الملوثة، وكذلك قد تنتقل عبر العدوى بالتلامس الجسدي.

وعدّد المهيزع عدداً من الإجراءات الوقائية التي يجب اتباعها لتجنب الإصابة بالبكتريا، ومنها الاهتمام بالنظافة الشخصية، خاصة عند تحضير وتجهيز وتقديم المأكولات، وعند دخول دورة المياه، بالإضافة للتأكد من مصادر الخضروات، والتحوط من المنتجات الزراعية التي تزرع بالقرب من المناطق العمرانية، واستخدام الكلور القابل للاستخدام مع الأطعمة في غسيل الخضروات والفواكه، وتناول المنتجات المبسترة.

وما زال الخبراء الألمان في حيرة حول مصدر بكتيريا إي كولاي القاتلة، وكان الاتهام الأول قد اتجه نحو الخيار الإسباني، ولكن التحاليل أكدت عدم صحة ذلك، أما الاحتمال الثاني فكان من نصيب براعم مستنبتة في إحدى المزارع الألمانية، ولكن التحاليل أيضا أثبتت خلو هذه المزرعة من بكتيريا إي كولاي.

وأعلنت السلطات الصحية في مقاطعة ساكس السفلى (شمال) أمس أن بكتيريا إي كولاي أدت إلى وفاة شخصين إضافيين في ألمانيا، ما يرفع عدد الوفيات الإجمالي إلى 25 شخصا هم 24 في ألمانيا ووفاة واحدة في السويد.

وفي سياق متصل احتج مزارعون في فرنسا على طريقة تعامل صناع القرار السياسي في بلادهم مع تفشي بكتيريا إي كولاي من خلال التخلص من كميات كبيرة من الخيار في أماكن عامة، وقام المزارعون بتقطيع أطنان من الخيار التي فشلوا في تسويقها، بسبب الإشاعات التي تثار بشأن البكتيريا القاتلة، ثم رموا بهذه الكميات في أحد الحقول القريبة من مدينة كاركوف.

وقال أحد ممثلي اتحاد المزارعين الفرنسيين معلقا على حملة الاحتجاج "نطالب بتهدئة المستهلكين وطمأنتهم إلى أن الخضروات لا تمثل خطرا على المستهلك"، مشيرا إلى أن خوف المستهلك من الإصابة بالبكتيريا يسبب أضرارا كبيرة.

وأشار ممثلون عن المزارعين إلى أن خسائر المزارعين في المنطقة المحيطة بمدينة نانت وحدها تبلغ نحو ثلاثة ملايين يورو يوميا.

وحسب المزارعين الفرنسيين فإن خوف المستهلك من الإصابة بهذه البكتيريا أدى إلى اضطرارهم الأسبوع الماضي إلى التخلص من 90% من إنتاج الطماطم والخيار وخس السلطة بعد أن ألغيت طلبات توريدها.

ويتوقع مزارعو منطقة لوار أتلانتيك أن يتخلص المزارعون من أربعة أخماس كميات الخيار لديهم هذا الأسبوع للسبب نفسه، وفي هولندا قرر الهولنديون التخلص من الخيار الذي كسد في السوق بسبب خوف المستهلكين من احتوائه على البكتيريا القاتلة بإطعامه للأفيال.

وذكرت صحيفة داجبلاد فان هيت نوردن الهولندية الصادرة أمس أن أحد مزارعي الخضروات على الحدود الهولندية الألمانية ورّد لحديقة الحيوان في مدينة إيمن الهولندية مطلع الأسبوع الجاري طنا من الخيار، بعد أن فشل في بيعه بسبب الإشاعات التي ترجح انتقال عدوى البكتيريا عبر الخضروات ومنها الخيار.

وأعلنت المفوضية الأوروبية أمس أنها على استعداد لتعويض المزارعين المتضررين ماليا بسبب تفشي بكتيريا إي كولاي المميتة التي يعتقد أنها مرتبطة بالخضروات، وقال مفوض شؤون الزراعة في الاتحاد الأوروبي، داسيان سيولوس لدى وصوله لحضور اجتماع لوزراء الزراعة في لوكسمبورج "نقترح بداية التعويضات بمبلغ 150 مليون يورو.

وانتقدت المفوضية الأوروبية أمس ألمانيا بسبب إطلاقها إنذارات بلا أدلة بشأن انواع الخضار التي يشتبه في نقلها للبكتيريا مما أثار أزمة ثقة لدى المستهلك.