التصريحات التي يطلقها المسؤول على قسمين: قسمٌ يقصد منه أن يقنع المجتمع برأيه وكلامه، والقسم الآخر يقصد منه أن يطمئن رئيسه بأن المشروعات الموكلة إليه تسير على قدمٍ وساق.

بطبيعة الحال، القسم الأول من التصريحات قليل، ولا يقوم به إلا المسؤول الذي احترم نفسه ومنصبه، بحيث يناقش الناس والمجتمع في مشكلاتهم، لا أن يختبئ بمكتبه من دون أن يدري أحدٌ أين هو، ولا كيف تسير الأعمال، ولا كيف تدار الأمور، على عكس وزير ينهر مواطناً او يزأر بوجهه، لأنه من وجهة نظره غير منطقي، متلبساً بطاووسية الوزارة، ظاناً أن موقعه يعفيه من المسؤولية، ويحيله إلى الدعة والركون!

أما القسم الثاني من التصريحات فهو الذي لا يدخل عقل المجتمع، والذي تقول فور سماعك له: "إيه هيّن" أو "مت يا حمار لين يجيك الربيع" أو "يصير خير" أو "يجيب الله مطر" وغيرها من العبارات، التي تعني أن هذا المسؤول لا يعرف جيداً ماذا يقول، مع وافر الاحترام له. ومن جنس القسم الثاني تصريح رئيس المؤسسة العامة للخطوط الحديدية، الذي صرح بأن شبكة القطارات في المملكة العربية السعودية، ستضاهي شبكات في دول متقدمة مثل إسبانيا وفرنسا وإيطاليا بعد 3 سنوات، وأن بإمكان المسافر أن يقطع المسافة من الرياض لجدة خلال 4 إلى 5 ساعات فقط، بعد اكتمال المشاريع، حيث ستتاح له بدائل جديدة عن الطائرة والسيارة!

ولولا أننا في الشتاء لقلتُ إن هذا التصريح "حلم ليلة صيف"!

نتمنى أن يطبق هذا الكلام، وأن يكون التصريح حقيقياً، فلو صدق بوعده لشكرناه ولدبجنا به القصائد والمدائح، لكن لنعد إلى الواقع، كيف هي سكة الرياض -الشرقية الحديدية؟

هل هي على طريقة أوروبا؟!

قبل أن نبدأ بمشروعات حالمة، لمَ لا نرمم ما هو قائم، فلا نكثر من الأحلام الخيالية الساحرة الآسرة وهي أكبر من طاقتنا وقدراتنا؟ عليكم أولاً بإصلاح السكة الحديدية التي تحتضر والتي لم تغن الناس عن السيارة والقطار! ما هو مشروعكم لجعل هذه السكة الموجودة مثل أوروبا؟!

قال أبو عبدالله غفر الله له: من الجيد أن نستمع إلى تصريحات بهذا المستوى من الحلم، لكننا مع محبتنا الوافرة لمسؤولينا، فقدنا الأمل في تحقيق معظم ما يقولون، ومللنا من تصريحات المسؤولين التي لا تطبق، والمسؤول يعلم جيداً أن هناك مشاريع كثيرة لم تنفذ ولم يشرع في تنفيذها بعد. وأتمنى من أي صحافي شاطر أن يبحث في تصريحات المسؤولين قبل سنوات، والتي وعدوا فيها بمشاريع ستكتمل سنة 2012، ويخبرنا كم أنجز منها؟!

أصدقكم أننا بحاجة عظيمة للتفاؤل، لكن ساعدونا يا مسؤولينا الكرام لنتفاءل!