ما جرى في القصر الرئاسي في صنعاء كان استثنائيا. رئيس عربي يسلم خلفه علم البلاد، بعد ثورة شعبية استمرت أشهرا، سقط فيها الشهداء الأبرياء، وسالت عبرها دماء ذكية لا ذنب لها سوى مطالبتها بالتغيير.
الحدث في حد ذاته، كان لافتا.
رئيس يعود من رحلة علاج خارجية، ليودع بعد 33 سنة قصرا أصبح بمثابة منزله، وجيشا سلم قيادته لابنه الذي كان يعده لخلافته، ومؤسسات زرع في كل منها شقيقا أو قريبا أو نسيبا.
أسقط الشارع علي عبدالله صالح، وكاد يودي به انفجار مسجد دار الرئاسة، حتى جاءت المبادرة الخليجية لتشكل طوق نجاة ليس لصالح وحده، وإنما لعموم اليمنيين من معارضين للنظام، وموالين له، ولتنقذ اليمن من حرب أهلية كانت مهيأة أن تستمر عقودا وسط بيئة حاضنة لأكثر من 50 مليون قطعة سلاح، وعادات قبلية تعتبر السلاح زينة الرجال ومحصل الحقوق، ووسيلة لإثبات الذات الفردية والجماعية، وأن الثأر مبرر بكل المعايير.
مع أن العلم الذي تسلمه هادي من صالح خفيف الوزن، إنما الإرث ثقيل على الرئيس الجديد، فأمامه عدد لا يستهان به من الملفات الاقتصادية والاجتماعية لانتشال أبناء اليمن من أدنى درجات الفقر، إضافة إلى الملف الأمني المعقد، والقضاء على البؤر الأمنية في الجنوب والشمال، وهي بؤر لها وزنها العسكري والقبلي.