في بعض البرامج التلفزيونية الحوارية، لم يعد المهم هو استفادة المشاهد وتقديم معلومات وحقائق، أو حتى توضيح الحقائق، تحولت المسألة إلى صنع خيوط مؤامرات وهمية، وصناعة أبطال فضائيين جدد، أهم ما يتميزون به هو النبرة "الفضائحية". حرف واحد فقط، يضاف إلى كلمة فضائي كي تتحول تلك القنوات إلى صحافة صفراء مشاهدة ومسموعة.

دون مبالغة، لا يكاد يمر أسبوع إلا ونسمع عن ضيوف يقدمون دروساً في الخيال العلمي، لكن على الطريقة المحلية. خيال في تفاصيل السلوك الشخصي ومحاولة رسم سيناريوهات خيالية عن الجماعات والأشخاص حتى يصدقها العامة.

لأن الطرح البرامجي ضعيف، ولأن بعض المذيعين لم يحالفه الحظ ليصبح موضوعياً أكثر وتستقطبه الفضائيات "المحترمة" مهنياً على الأقل، أصبحت الإثارة الممجوجة هي البديل، وأصبح تقديم المعلومات "الفضائحية" هو البديل لعلاج المشاكل الاجتماعية. لا تمانع بعض البرامج من نشر أسرار ومشاكل عائلة ما على الهواء مباشرة، والمزايدة عليها، كل ذلك حتى يكتمل المشهد المرسوم في نظر عشاق الخيال العلمي الفضائحي.

أكاد أجزم أن المسؤولين في البلد يشاهدون كثيراً من الطرح، ويستغربون كيف هذه التفاصيل والمعلومات موجودة لدى البعض، لكن لأنها مجرد "كلام" دون أدلة، كثر الحديث، وزادت المزايدات، وهبط الطرح.

في الوقت الذي تحاول فئات من الشباب السعودي صناعة وعي في مجتمعاتهم المحدودة ونشره، وعي فكري لا يتعارض مع الثوابت الأساسية، تقوم مجموعات في الطرف المقابل بمحاولة صبغ العاملين والقارئين والمثقفين، وحتى المختلفين معهم في أي تفاصيل، بصبغة يقومون بتزيينها بالطريقة التي تجعل من أي قول ضدهم قولا مصدقا. كل هذا نشاهده بشكل شبه أسبوعي في فضائيات العرب، الفضائيات التي عجزت عن تقديم طرح يليق بعقل المشاهد، فجرت المشاهد إلى حقل فتنة ملوث، ينهل منه، وينعكس عليه في تفكيره وسلوكه تجاه الآخرين.

الثورة المعلوماتية والفضائية جعلت كثيرا يبحثون عن المثير، ومع غياب المهنية أصبح تعريف المثير: "فضيحة"!